ودعنا بالأمس مبعوث الأمم المتحدة الثالث والخاص بمشكلة اليمن بعد أن أعلن لمجلس الأمن عن فشله في مهمته، وأبلغ عن تصعيد عسكري من قبل الحوثيين في (مأرب) وقيود على الواردات عبر ميناء الحديدة، ورفض الحوثيين في مناسبات عدة لمقابلته، ولحق بسابقيه الذين فشلوا في مهماتهم بسبب التعنت الذي يبديه الحوثيون، كـ(بنعمر) وإسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي قال في آخر مهمة له (إن الحوثيين ليسوا مستعدين في هذه المرحلة لتقديم التنازلات في الشق الأمني مما شكل معضلة أساسية للتوصل إلى حل توافقي).
ونستقبل هذه الأيام مبعوث الأمم (الرابع) السيد (هانس جرندبرج) والذي يبدو أنه مفرط في التفاؤل، إذ صرح بقوله (لا أوهام لدي بخصوص صعوبة المهمة)، فهل يُحدث خرقًا جديدًا في جدران الأزمة؟! نتمنى ذلك، ونتمنى عليه بأن يستفيد من تجارب زملائه السابقين لكيلا يضيع المزيد من الوقت، وأن يركز في مهمته على ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار قبل القيام بأي خطوة سياسية لأنه أهم إجراء إنساني يتطلع إليه المجتمع الدولي، فالآمال معلقة عليه لكونه معروف عنه بأنه مطلع على كثير من أبعاد وتفاصيل الأزمة اليمنية، وكلنا أمل في أن يتحقق ما قاله في إحدى مقالاته بأنه (يمكن للحرب في اليمن أن تنتهي، ويمكن إعادة بناء اليمن ليسوده السلام والازدهار فقط في حالة وجود إرادة سياسية لدى الأطراف المعنية)، رغم أن ميليشيات الحوثي استقبلت تعيينه برسالة سلبية من خلال تغريدة أطلقها القيادي (محمد علي الحوثي) جاء فيها: (لن يأت أي مبعوث جديد بجديد ولا يمكنه كسر الجليد)، وننصح السيد (جرندبرج) بأن يعود للقرار رقم (2216) الذي تبنى فيه مجلس الأمن مشروع القرار العربي بشأن اليمن تحت الفصل السابع، والذي يحظر تزويد الحوثيين بالأسلحة، ويفرض عقوبات على قادتهم المتهمين بتقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن، وتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن، وطالب الحوثيين بسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، وأكد على شرعية الرئيس (عبدربه هادي) ، وليطلع مشكورًا أيضًا على التقرير الذي أعدته هيئة خبراء أمميين منفصلة، والذي خلص فيه إلى أن إيران انتهكت بالفعل حظر السلاح الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على اليمن من خلال تزويدها المتمردين الحوثيين بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، حتى يتبين له بأن (إيران) هي السبب الرئيسي وراء إطالة أمد الحرب.
والحقيقة التي لابد أن يلم بها المبعوث الدولي الجديد هي أن الحوثيين حسموا أمرهم بالحل العسكري، ولا يعترفون بمساعي السلام وجهود الأمم المتحدة في هذا الشأن بعدما وجدوا أنهم حينما ينفذون أعمالا إرهابية على أهداف مدنية يمنية أو سعودية لا يُقابلون بتحرك دولي كاف لردعهم، سوى إدانات وشجب عديم أثر، بالإضافة إلى أنهم أدركوا بأن قرارات الأمم المتحدة وتحذيراتها غير جادة، والدليل على ذلك عدم تطبيق القرار رقم (2216) الذي كان تحت البند السابع بحذافيره.
الطريق لا شك صعب، والتعامل أصعب مع قيادات لا تلم بأبجديات السياسة لكونها حبيسة الكهوف.
في سباق التتابع اليمني (جرندبيرج) يستلم العصا من (غريفث)!
تاريخ النشر: 17 سبتمبر 2021 00:12 KSA
A A