الزواج مؤسسة اجتماعية.. ذات وظائف هامة تتمحور حول منظومة من العلاقات الداعمة عاطفيًا ونفسيًا وماليًا من أجل تحقيق النجاح والسعادة لكل أفراد الأسرة.. أحيانًا هذه العلاقات تغدو (علاقات سامة) فهي غير طبيعية وقائمة على استغلال أحد الأطراف للآخر.. وتظهر في حالات عدة منها أن تكون شخصية أحد الزوجين من النوع النرجسي..
هنا يعتمد الشريك الضعيف بشكل غير سوي (تعلق مرضي) على الشريك (النرجسي) الذي يؤذيه ويدمره.. فيقدم فروض الطاعة وقرابين الولاء لمن يجعل حياته جحيمًا.. يبدأ (النرجسي) بالتلاعب النفسي وتقويض ثقة الضحية بنفسه بإلقاء تعليقات مبطنة متكررة تقلل من ذكائه وكفاءته وعقله إلى أن يقتنع بأنه لا يمكنه القيام بشيء لوحده وأنه سيفقد كل شيء إذا تركه الآخر وأن ما من أحد سيحبه أبدًا.. ويبدأ نوع من (الإدمان العاطفي) الذي ينعكس في إذعان الضحية الكامل.
العلاقة الزوجية هنا تشبه حالة حب الضحية للخاطف كما متلازمة (ستوكهولم).. يثق الأسير بالسجان (النرجسي) ويتخذ قرار البقاء.. والسبب أنه يعاني من القصور في الاعتماد على نفسه.. فيتحمل الجفاف العاطفي والإيذاء العقلي والنفسي.. وتتصاعد الإساءة وتستمر الحياة في حلقة مفرغة (مدمرة)!
يقوم الشريك الأضعف بإعطاء الأولوية التامة للآخرعلى حساب نفسه لكسب الحب أو التقدير مما يزيد في (تمكين النرجسي).. مثلًا تخصص الزوجة غرفة في المنزل للزوج (النرجسي) الذي يتعاطى المخدرات بما يفشل الخطة العلاجية ويدمر القدوة للأبناء.. وفي المقابل يسكت الزوج عن سحق الزوجة (النرجسية) لابنتها الجميلة بوصفها غريمتها ويصدر حكمًا غير قابل للنقض بإعدامها.. فكلا الحالتين يؤدي إلى نتائج عكسية مع تفاقم المعضلة واستدامة الوضع الأسري البائس.
أما علاقة الوالدين بالأبناء فستكون أكثر تعقيدًا.. مثلًا إذا كانت الزوجة (نرجسية) فالأب هو الشخص (المُمَكِّن) لها وإرضاؤها غاية أولى وأخيرة.. أبناء الأمهات (النرجسيات) هم في وضع (الخاسر دائمًا).. فليس لهم أحد يحميهم.. نعم.. هم ليس لديهم (بطل).. ويستمر مسلسل تهاون (الأب) في وضع الحدود وحفظ الحقوق لأبنائه.. حتى تتمادى الزوجة في غيها وجبروتها وطغيانها حتى تتمثل في نسخة جديدة من نموذج الطغاة (فرعون)!
الزواج يجب أن يكون وطنًا للسعادة.. أول الحلول أن يتعلم الضحية كيفية صد ألاعيب (النرجسي) كالمعاملة الصامتة والتشكيك بالحقائق.. وحماية (أبنائه) من المزيد من الإهانة والظلم والدمار النفسي والاجتماعي.. أما أفضل الحلول فهو التحرّر بالانفصال عن الشريك.. والأولوية القصوى هي إنشاء شبكة دعم قوية كالطبيب النفسي.. (فالنرجسي) سيحاول دائمًا استعادة السيطرة على الشريك الأسير وإعادته إلى (السجن العاطفي)!
(الضمير) يحتم أن لا نقبل الظَّلم على أي من أبنائنا.. والحقيقة الثابتة أن كل شخص مسؤول ومسائل عن أفعاله بصورة كاملة..
ختامًا وتوكيدًا.. في معركة الحق مع الباطل.. (الوقوف على الحياد.. يكون اصطفافًا جليًا صارخًا مع الظلم)!