Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

عمل المرأة بين الاحتياج والامتهان

A A
استوصى ديننا الحنيف بالنساء وجعلهن شقائق الرجال فقال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع: «استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا..».

كما أن قصة بنات شعيب مع سيدنا موسى عليه السلام توضح الضرورة التي تلجئ المرأة للعمل فقال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ). وهكذا دعتهما حاجة كبر والدهما إلى العمل ولكن مع ذلك لم تزاحما الرجال بل تنتظران حتى ينتهوا ثم تتزودان بالماء.

وعمل المرأة موجود منذ فجر التاريخ الإسلامي فالرسول عمل في تجارة السيدة خديجة، كما كانت السيدة عائشة أفقه النساء وقد تخرج على يديها أكثر من مائة من رواة الحديث؛ إذن الاسلام يقر عمل المرأة ولكن بشروط يجب أن تؤخذ في الاعتبار وهي: أن يتناسب العمل مع طبيعتها كأنثى ولا يعرضها للمهانة، وألا يؤثر هذا العمل على واجبها الاساسي وهو تربية الأبناء، وأن تكون محتشمة أثناء عملها وألا تكون مصدراً للإغواء ،أن تكون في حاجة إلى دخلها من هذا العمل للإنفاق على نفسها وأسرتها، وأن تكون هناك ضرورة اجتماعية تخدم بها المرأة المجتمع المسلم. ونحن بحمد الله تعالى أصبحنا في السعودية تعطى المرأة حقها في العمل للمساهمة في التنمية الوطنية حيث ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل خلال الخمس سنوات الماضية بنسبة 14% (حسب صحيفة الوطن – الاثنين 20/2/1442هـ) بعد أن زادت مشاركتها من 19.3% في 2016 إلى 33.2% في 2020م لتحقق بذلك أكبر معدل مشاركة بسوق العمل.

ولم تكتفِ الدولة بذلك بل سنت من خلال وزارة الموارد البشرية قوانين وأنظمة لحمايتها وتوفير بيئة عمل آمنة وجاذبة تساعد على استقرارها ومن أبرزها: التزام صاحب العمل سواء في القطاع العام أو الخاص بمقتضيات الشريعة الإسلامية، والتزام العاملة بالحشمة، وفي حال كان هناك زي خاص فيجب أن يتوافق مع الضوابط. كما يلزم التنظيم صاحب العمل بتوفير حراسة أمنية كافية ونظام أمني الكتروني في جميع المنشآت المشغلة للنساء.. ومكان مخصص للصلاة وتوفير دورات مياه خاصة.

كل تلك الضوابط لحماية المرأة وصونها من التعسف أو التحرش بها، ولكننا أصبحنا نفاجأ بالإخلال بهذه الضوابط من خلال أعمال حرة مشبوهة!! ومنها ما ظهر مؤخراً من إعلان عن فتيات يصلن إلى منزل الرجل لتقديم خدمات غسيل السيارات ويصف الاعلان دقتهن في العمل والمواد المستخدمة ويروج لهن!!.

فهل وصل امتهان كرامة المرأة لدى هؤلاء إلى غسيل السيارات وأن تصل إلى الرجل في منزله؟!.. فهذه بها الكثير من التجاوزات للضوابط، وبكرامة المرأة واستعبادها!!، فمهما كانت حاجتها للمال قد يفضي ذلك إلى الخلوة غير الشرعية.. وربما نحتاج بعد سنوات لفتح الكثير من الدور لرعاية ذوي الحالات الخاصة.. وتكليف الدولة الملايين من الريالات!!

وقاعدة سد الذرائع في الاسلام مقدمة على تقديم المصالح؛ فالذريعة هي كل مسألة ظاهرة الإباحة ويتوصل بها إلى فعل محظور فهذه مفسدة، لأن الأمور ليست على نية الفاعل بل بحسب نتائجها.. ولكن السؤال الكبير أين الرجل؟ والذي حظه في الوراثة مثل حظ الانثيين؛ لينفق عليها في حالة حاجتها كالزوج، والأب، والاخ، والعم، والخال، فهم مسؤولون بالإنفاق عليها. وهذا مثله أن تكون نادلة في مطعم وتقدم الطعام للرجال أو في مغسلة سيارات.

وهناك تطبيقات ظهرت مؤخراً للتوصيل النسائي حيث لا يسمح فيها بالتسجيل للرجال بهدف توفير الخصوصية للنساء ومنها تطبيق:(لينا) و(وصلني) فهذه التطبيقات تعتبر آمنة وتوفر الحماية للمرأة وللسائقة فهذه مرحّب بها تماماً. نتمنى من وزارة الموارد البشرية وبالتعاون مع هيئة الاتصالات إيقاف أي أنشطة عمل مشبوهة وغير مصرح لها للعمل؛ لنتفادى فوضى العمل الذي قد يقود إلى محاذير وممارسات غير سليمة تفضي إلى مشكلات اجتماعية وأخلاقية جمة.. نسأل الله السلامة.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store