Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

صمت يغوي الفراغ..!

A A
عامًا كاملاً ادخر حنينه.. زمل جراحه.. أرهق كاهله الممتد كظلها الذي لم تتضح ملامحه، ثمة صور أخرى عالقة بالأزمنة والأمكنة تأبطها مرتجفًا.. تتغلغل أشواقها مشوبة في قلبه كأنياب شرسة، سئم من المهادنة، يقلع من المكان، فتهبط حائرة وبعيون متلصصة.. تتلفت، تتمهل لتقصر المسافة بينهما، ولم ينطق بكلمة واحدة، ومن تلك الزاوية وهي تفكر ببطء.. تعشقه حين يشرع في شرنقة الأسئلة، لتمضي تراقب الباب بلا طرفة عين وتصغي إلى اعترافه الأول والأخير لتحلل المواقف، وذلك الاعتراف المجنون الذي حملت له نار الهجير. أفاقت من شرودها، ومن نفسها الواجمة خلف هاتفها والكلمات تكاد تخنقها، وبنزق شديد وضعت حدًا لسرده المشتعل، وفي فمه شهقة حب تناهز أحلامًا مبتورة، وهي تقاوم رغبتها في البقاء، يخلع صمتها.. تطل من الهاوية قبل أن يشارف على الرحيل، تصوغ المبررات، تتلمس الأعذار فتعكس أسئلتها خطاها المغلولة، وصورته المذبوحة تستجير سراب المسير، وبعد توسلات منكسرة تجري في الأوردة، تتنفس مشاعرهما الجائعة رغبة في البقاء، ورغم اختناقها الحاد، ورقصها الخجول، وهمسها الفاتن، أوقد حطب الغد، لينأى بارتباك شديد نحو الفرار في زقاق تلمحه الشمس الآفلة وتتعارك الغصات لتند عن صرخة مسكونة. تخلصت من مشد جسمها المنحوت الذي ترك بقعًا حمراء وباتت تفكر والهة.. تعصر ذاكرتها بشدة نحو مقبرة الكلمات الأولى التي كانت مطفأة على شاطئ لا بحر له.. تاركة خلف أسئلتها المستعارة صمت يغوي الفراغ، ورغبة عارمة في الحديث، وكلما لملم نفسه مضت تسير نحو نعشها المحتوم، وهي غاضبة من غصة الطريق، فأدرك أن ورق التوت يتساقط بلا وجهة، وربما يحين الوقت يوما ما، ويشعل ما تبقى من أوراق يهتدي بها كمصباح قديم..!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store