في ذاكرتي المهنية أيام لا تنسى مع عالم الموهوبين والمخترعين والمبتكرين عبر برنامج تنمية الاختراع والذي كان أول برنامج إثرائي ينفذ في إدارة تعليم ينبع للبنات عندما كنت أول مشرفة للموهوبات في الإدارة، كنا كل خميس نلتقي مع الطالبات الموهوبات لمدة ستة أسابيع بمعية رئيسة القسم آنذاك الأستاذة القديرة نسرين نحاس والتي تعلمت منها الشغف بما أعمل في عالم الموهبة والذي أسسناه سويًا وفرحنا معًا بمنجزات حقيقية تسطر بماء الذهب في سجلات التعليم بمحافظة ينبع، وكلما التقيت بطالبة جمعني الله بها يومًا ما وقد تبوأت اليوم موقعها الريادي والقيادي والمهني الذي يليق ببنات الوطن، أعي يقينا بأن المعلم لا يموت، وأن الإنجاز الحقيقي ليست اعتلاء المناصب ولا الجلوس على الكراسي ولا الأضواء التي تسلط على شخص ما بل هي هذه المنجزات الحقيقية لتربية الجيل المبدع الموهوب المتميز في فكره وخلقه وانجازه ليشارك في عجلة التنمية والمضي قدمًا نحو تحقيق رؤية وطن.
برامج موهبة لها بصمتها القوية في رعاية الموهوبين والموهوبات هذه المؤسسة الوطنية العملاقة تقدم برامج نوعية وتسهم في تأهيل وتدريب الطاقات البشرية من المدربين والمدربات وتشارك بفعالية مع وزارة التعليم للكشف عن الموهوبين وتأهيلهم لتمثيل الوطن في المحافل الدولية والإقليمية ليبقى اسم المملكة العربية السعودية في صدارة الدول في مجال البحث العلمي والاختراع والابتكار.
بالأمس القريب تابعت تقريرًا يتحدث عن فتاتين سعوديتين حصلن على براءة اختراع وهما سارة الجبيلان طالبة التمريض التي حصلت على الميدالية الذهبية في المعرض العالمي للمرأة المخترعة 2021 والتي شاركت مع 18 متنافسة من 18 دولة وكان هناك ست فتيات مشاركات من المملكة شاركن بابتكارات مختلفة.. وكانت سارة متميزة في ابتكارها الذي نال الجائزة الذهبية وهو عبارة عن طوق يوضع على رأس مزود بحساسات تقوم بالتقاط الإشارات العصبية وترسلها لاسلكيًا عبر تطبيق مرتبط بالهاتف لمعرفة حالة أصحاب الإعاقة الفكرية النفسية والصحية.. والطالبة نورة الحدري من جامعة الملك خالد مخترعة جهاز كشف الأسلحة والمخدرات عن بعد -وهي من المرحلة الثانوية- لاستشعارها دور المرأة في حماية المجتمع من هذه الآفات وخطورتها تستدعي التفكير في حل لهذه المشكلة ومواجهتها بالعقول النيرة، حصلت على براءة اختراع دولية عالمية تسعى نورة لتطوير الفكر لدى الفتيات في منطقتها وفي وطنها وذكرت من كان معها ودعمها من أهلها ومعلماتها، ما أجمل هذه الروح الوطنية التي تسري في عروقنا جميعًا نفرح بمنجزاتنا ونفاخر بها العالم وكلنا ثقة بأن هذه الكوادر الشابة من المخترعات والمبتكرات سيجدن لهن موقعًا يليق بهن في خدمة الوطن وتبني أفكارهن وتسويقها محليًا ودوليًا.
ستبقى المرأة السعودية علامة فارقة في الحضارة والثقافة والعلم والاختراع والابتكار والتميز في كل المجالات ونحن لها وعلى قدر التحدي في ظل قيادة رشيدة تؤمن بأهمية دور المرأة واستحقاقها للتمكين والقيادة في كل المجالات بما تحمله من علم وقدرة فائقة على تجاوز التحديات وجاءت الأيام التي تثبت فيها المرأة السعودية بأنها مثال يحتذى به عالميًا وإقليميًا ومحليًا في الريادة العلمية والفكرية وسرعة الإنجاز والدقة والاتقان في العمل وسيظل قلمي يسلط الضوء على كل امرأة منجزة في وطني وبكل فخر واعتزاز.