كنت ولا زلت أطالب كبار وكلاء السيارات الذين بنوا ثرواتهم المتضخمة على مر عشرات السنين من أرباح استيراد وبيع السيارات الجديدة وقطع الغيار وصيانة السيارات، أطالبهم بالتحول تدريجياً من مستوردي للسيارات إلى مستثمرين في صناعة جزء من وارداتهم من السيارات في أسواق المملكة، ولا سيما أصبح اليوم نمو سكان المملكة سريعًا حتى وصل لأكثر من (33) مليون نسمة غالبيتهم من الشباب، بالإضافة الى أن هناك (3,3) مليون أسرة سعودية تمتلك سيارات (65%) منها تمتلك سيارة واحدة أي (2,1) مليون أسرة، وتمتلك (23,3%) من الأسر السعودية سيارتين، ويمتلك (11,7%) من الأسر أكثر من ثلاث سيارات وهذا يوضح حجم الطلب الكبير أيضاً على قطع الغيار وصيانة السيارات بعد البيع. علماً بأن واردات المملكة من السيارات عام (2018م) قبل جائحة كورونا وصلت إلى حوالى (419,550) سيارة بقيمة إجمالية تجاوزت (33,25) مليار ريال بناءً على إحصائيات الهيئة العامة للجمارك، ويعتبر هذا الرقم الأكبر على مستوى العالم العربي بأكمله يحوّل لتنمية مصانع السيارات في الدول المصنعة ويفتح فرص عمل لشبابها، رغم أن المملكة بناءً على الرؤية المستقبلية للاستثمار، وبناءً على السياسات الجديدة لتشجيع الاستثمار الأجنبي في قطاع صناعة السيارات ودعم البنية التحتية في المناطق الصناعية وعلى وجه الخصوص في الهيئة الملكية في الجبيل وغيرها مؤهلة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مجال صناعة السيارات ولا سيما أن إستراتيجيات توطين تكنولوجيا صناعة السيارات الحديثة تظهر أنها من الاستثمارات الجذابة للمردود المالي الكبير، ويظهر أن منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص بعض الدول العربية تتنافس في صناعة السيارات ونقل التقنية من رواد صناعة السيارات في العالم، ومن هذه الدول المغرب ومصر والجزائر والامارات، والتي تهدف إلى توطين جزء من صناعة السيارات المستوردة بغرض خلق فرص عمل وتوطين البلايين من الأموال التي تصدّر لاستيراد السيارات سنوياً، ويبدو أن توجه المملكة نحو صناعة السيارات قد بدأ منذ سنوات في مجال تجميع سيارات النقل والشاحنات الثقيلة مثل (مرسيدس) و(فولفو) و(مان) في القطاع الغربي من المملكة، ويبلغ انتاجها سنوياً (15) الف وحدة، بالإضافة إلى شركة (ايسوزو) اليابانية للسيارات التي ابتدأت عملياتها بالإنتاج في المنطقة الشرقية في أواخر عام (2012م) بالإضافة إلى بعض الصناعات التي أنشئت لإنتاج قطع غيار للسيارات.
ومن أهم عناصر نجاح صناعة السيارات في المملكة هو توفر بنية تحتية جاذبة للاستثمار وأكثر اقتصادياً من غيرها، بالإضافة إلى توفر المواد الخام الأولية لصناعة السيارات وعلى رأسها صفائح الألمنيوم والألمنيوم المسال، والمطاط والبلاستيك وأخرى بأسعار تنافسية.
وأخيراً أطرح السؤال على كبار وقدامى مستوردي السيارات اليابانية والكورية والأمريكية وبعض الأوروبية، أما آن الأوان للتحول ولو جزئياً إلى صناعة أنواع من سياراتهم المستوردة في المملكة والمساهمة في دعم اقتصاد بلادنا ورفع نسب تشغيل شبابنا؟
لاسيما أن كليات الهندسة في جامعاتنا تخرج الآلاف من المهندسين المتخصصين الباحثين عن فرص عمل؟ أم لا زال الاستيراد هو الأسهل والأكبر ربحية؟