تتواصل التعليقات التي تستنكر موقف وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي من المملكة العربيَّة السعوديِّة بادعائه تدخُّلها في شؤون اليمن.. موقف قد يتسبَّب في شرخ للعلاقات الخليجيَّة اللبنانيَّة فيصعب إصلاحه، ويضاعف من متاعب اللبنانيِّين الاقتصاديَّة ويزيدهم عزلة.. أثارت تلك التعليقات غير المسؤولة حفيظة الكثيرين من محبِّي لبنان الذين يؤثرون استتباب الأمن والأمان فيه، والترحيب بكلِّ قاصديه للسياحة والاستجمام، وبطالبي العلم في جامعاتها، وقاصدي العلاج في مستشفياتها، وممارسة الاستيراد والتصدير عبر منطقتها الحرَّة والاستثمار في العملات عبر بنوكها.. هؤلاء وسواهم من العرب في الشرق الخليجي، والمغاربة، جميعهم معجب بما أنعم الله به على لبنان وشعبها بشتَّى طوائفه من حسن التعايش المشترك بين المواطنين والمقيمين والزائرين على تعدُّد معتقداتهم واختلاف ألسنتهم.
كان ذلك في لبنان لمَّا كان يحكمه أبناؤه الشرفاء إلى أن دارت الأيَّام، واستولى على مقاليد الحكم فيه أتباع (الولي الفقيه) عبر كبيرهم حسن نصر الله الذي علَّمهم السحر والدجل، ليعملوا على تمزيق نسيج لبنان العربي، وصبغه بشعارات طائفيَّة حاقدة، وتمهيد الطريق لإكمال طوقهم بهلال شيعي يمتدُّ من إيران إلى العراق فسورية فلبنان، ونزولًا إلى اليمن فالخليج العربي.. وبذا يحكمون قبضتهم الآثمة على ًأهل السنَّة والجماعة، مستهدفين أمنهم وأمانهم.. لكن فاتهم أنَّ الله ناصر من ينصره، وأنَّه مع المتَّقين.. وهذا على ما يتَّضِح جليًّا فات على صاحب برنامجيِ (المسامح كريم)، و(من يكسب المليون).. وكلاهما من البرامج التي يتمُّ الترخيص بها من الإعلامَيْن السعودي واللبناني الوطني.. وبهما صار اسمه نجمًا، وانضمَّ إلى علية القوم.. ولقد سوَّلت له نفسه، وشاركته في الغرور الزائف عصبة حزب الله التي استولت على مقاليد السلطة إبَّان عهد ضعف وفساد، على أمل الاستفادة من خبرته الإعلاميّة وولوجه متاهات ألاعيب سياسة حزب الله ودبلوماسيَّته بوزارة الخارجيَّة في حكومة السيِّد نجيب ميقاتي التي كان الخيار الأوفى لمناصب الوزراء فيها لحزب الله.
فلا عجب أن شطَّ الوزير القرداحي في تصريحاته التي أجحفت في حقِّ مَن يولي الشأن اللبناني كلَّ خير وتقدُّم، وضربت اليد التي امتدَّت على طول الحقب وما تزال معطاءة ابتغاء الأخوَّة الصادقة وصلات القربي.. وما عهد لبنان من الشقيقة الكبرى المملكة العربيَّة الشعوديَّة غير ما اعتاده من كرم، وعاد على أبنائه الكثر المقيمين فيه والمغتربين العاملين فيها باليمن والخير ورغد العيش، ولا نبتغي منه لا جزاءً ولا شكورا.. أمَّا أن يكون الردُّ نكرانًا وإثمًا، فذاك ليس من شيم الكرام، وحذار حذار من ردِّ الكريم إذا غضب.. وممَا لا شكّ فيه أنَّ لكلِّ فعلٍ ردُّ فعلٍ مساوٍ له في القوَّة ومضادٍّ في الاتِّجاه.. وردود فعل المملكة ليست في عجلة من أمرها، ولا تكون إلَّا في نصابها وأونها.. فعلى الوزير القرداحي المرح ألَّا يحسب أنَّه ما يزال يدير برنامجًا ترفيهيًا! فمصير الناس في لبنان ليس ساعة مرحٍ تنتهي بختام برنامج ترفيهيٍّ.. وما على خفيف الظلٍّ الوزير الإعلامي إلَّا أحد أمرين الاعتذار المعلن الصريح أو الاستقالة.. ودعني أهمس في أذن من لم يُصخِ السَّمع، لا تحرق النار إلَّا أصابع من يذكيها، ولمن يستوضح، أزيد فأقول ألَا يُساء فهم ردودنا:
وفيك إذا جنِى الجانِي أناةٌ تُعدُّ كَرَامَةً وَهِي احتقارُ.