فقدت الساحة الفنية السعودية واحداً من أبرز روّادها الموسيقار الفنان غازي علي الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح أمس الثلاثاء بجدة بعد معاناة طويلة مع المرض، وتمت صلاة العصر عليه ودفنه بمقابر الفيصلية، ويقام اليوم الأربعاء اول ايام العزاء بمنزل شقيقته بحي الزهراء بجدة .
ويعتبر الفنان غازي علي -يرحمه الله- من الفنانين السعوديين المميزين، ثقافةً وفناً، بدأ مشواره مع الفن منذ سنوات طويلة، وهو أول فنان سعودي درس الموسيقى بشكل علمي في القاهرة بمعهد الكونسرفتوار وعلى حسابه الشخصي.من المدينة إلى الكونسرفتوار الأستاذ غازي علي واسمه بالكامل «غازي علي محمد علي باجراد»، وُلد مع أذان المغرب في أخر يوم من شهر رمضان المبارك عام 1357هـ في المدينة المنورة التي عاش بها طفولته بعد فقدانه لوالده صغيراً، وقد رعته والدته واهتمت بتربيته ونشأته وتعليمه في المدينة المنورة ثم في جدة.
انتقل إلى القاهرة لدراسة الموسيقى سنة 1960م، حيث كان مولعا بالموسيقى منذ صغره، وهناك أكمل دراسة الثانوية بمعهد الموسيقى، والفضل في ذلك يعود إلى مدير المعهد «أبو بكر خيرت»، الذي -ونظراً لرغبة العديد من الطلاب في دراسة الموسيقى- أنشأ مدرسة ثانوية بالمعهد، حيث كان الطلاب يدرسون من الساعة 9 صباحا- 2 ظهراً دروسا موسيقية متنوّعة، ثم من الساعة 4 عصرًا إلى 8 مساء دروسًا علمية متعلقة بالمنهج الثانوي التعليمي، وذلك لمدة ثلاث سنوات، ليتخرّج الطالب ويكمل دراسته الموسيقية المتخصّصة بالمعهد لمدة أربع سنوات، وبذلك فقد تخرّج الموسيقار غازي علي من المعهد سنة 1967م بعد أن قضى به قرابة سبع سنوات في دراسة متخصّصة جادة، كان اهتمامه بالموسيقى والغناء قد بدأ مبكراً مما شجعه على التخصّص فيه وكانت دراسته بمعهد الكونسرفتوار بالقاهرة الذي تعرّف فيه على كبار الفنانين المصريين أمثال رياض السنباطي وبليغ حمدي وسعد عبدالوهاب وغيرهم.حوّل منزله لمعهد موسيقى
خلال مشواره مع الفن فتح الموسيقار غازي علي منزله ليكون معهداً مصغراً لتعليم المبتدئين أصول الموسيقى والعزف على الآلات وخاصة آلة العود، والنوتة الموسيقية، حيث لم يكن في جدة جهة رسمية تتولى تعليم المواهب الشابة الموسيقى والغناء، فقام الفنان الراحل بهذا الدور من خلال منزله، وخاصة أن له تجربة عند عودته لمدينة جدة بعد تخرّجه من معهد الكونسرفتوار بالقاهرة، حيث تم تعيينه مديراً لجمعية الثقافة والفنون ولكنه لم يستمر بها طويلاً، فقام ومن خلال منزله باحتضان المواهب وتعليمهم، وقد تخرّج من معهده المنزلي الكثير من الأصوات الغنائية والعازفين، كما كان يزوره الفنانون المعروفون والذين كانوا يستشيرونه في أعمالهم الفنية.
قدم الفنان الراحل العديد من الألحان والأعمال الغنائية، منها بصوته، ومنها لأصوات سعودية وعربية في مقدمتهم الراحل الكبير طلال مداح الذي غنّى من الأحان غازي علي أغاني ناجحة منها: «أسمر حليوة مخاصمني» من كلمات الشاعر طاهر زمخشري وأغنية «سلام لله يا هاجرنا» والتي كتبها غازي علي بنفسه وأغنية «مش دا كلام ينقال» من كلمات ميشيل طعيمة، ومن الأغنيات الشهيرة التي غناها الراحل غازي علي بصوته: «في ربوع المدينة»، و»شربة من زمزم»، و»يا العشرة» و»يا روابي قبا» و»سلمى» و»ماشي على هوينه» و»لو شفتها» و»الموعد المنسي» و»على البحرين» و»يوم نويتوا على السفر»، وأيضاً له العديد من الأغنيات الوطنية وغيرها كثير، ومن الفنانين السعوديين والعرب الذين تغنوا من ألحان غازي علي: فايزة أحمد ووديع الصافي وسميرة توفيق ومحمد قنديل وعايدة بوخريص وعلي الحجار وسعاد هاشم وماهر العطار وأسامة عبدالرحيم.
غازي علي.. مسيرة وإنجازات
في عام 1970، سافر غازي علي إلى بريطانيا ليدرس علم اليوغا، الذي اعتبره نقلة نوعية في حياته، واستمر في دراسته هناك لمدة خمس سنوات، بحيث أنهى دراسته عام 1975، وعاد بعده ليواصل إبداعاته الفنية.وقد صدر له قبل أشهر كتاب يروي سيرة حياته الشخصية والفنية، وحمل الكتاب عنوان: «غازي علي.. مسيرة وإنجازات» من إعداد الكاتب الدكتور عبدالعزيز الصحفي.
وفي السنوات الأخيرة عاني الراحل من الأمراض، ومنها آلام في الغضروف، بالإضافة إلى معاناته من ألم في العين، والقلب، وكذلك كسور تعرّض لها خلال سقوطه في منزله، وقد أُدخل المستشفى لأكثر من مرة، ومنعه المرض من مواصلة عطاءاته الفنية إلى أن توفي صباح يوم أمس الثلاثاء (9 نوفمبر 2021) بعد مشوار طويل حافل بالعطاء والإبداع. وقد كُرّم يرحمه الله في أكثر من مناسبة.