في الذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- نجدد فروض السمع والطاعة لولي الأمر ولسمو ولي العهد الأمين مع كثير من مشاعر الحب والانتماء والولاء للوطن وقيادته، توقفت كثيرًا عند شخصية الملك سلمان القيادية التي عرفناها منذ زمن طويل وقبل تولي مقاليد الحكم وخاصة في إمارة منطقة الرياض لما يقارب خمسين عامًا، حتى أضحت الرياض اليوم عاصمة تهوي لها كل القلوب والأفئدة ومحط الأنظار عالميًا وليس إقليميًا وعربيًا ومحليًا فحسب.
التنظيم الإداري في المملكة شهد مراحل مختلفة من التطوير التنظيمي مر بها عبر عقود من الزمن، وهذا مواكب لمراحل التطور والنمو الاقتصادي والتوسع في مشاريع الخدمات التي مرت بها الدولة، والقيادة الحكيمة في المملكة تحرص على تحقيق تنمية مجتمعية حقيقية تلائم احتياجات المواطنين، والملك سلمان يمثل أنموذجًا حقيقيًا في مجال الفكر الاستراتيجي للقيادة الحكيمة عبر عقود من الزمان، فهو قائد بالفطرة، وهو المحنك ذو التراكم المعرفي والخبرات الطويلة في مجال القيادة.. الملك سلمان نذر حياته لخدمة الوطن والمواطن، تميز أداؤه القيادي في توليه مهام امارة منطقة الرياض من خلال التفرد وتشكيل ثقافة تنظيمية للإدارة المحلية وبمنهجية فريدة للأسلوب القيادي.. من أهم ملامح فكره القيادي ما يتمتع به القادة الأكفاء في إنكار الذات والإحساس بالمسؤولية والتمتع بالشخصية القوية، فكان -حفظه الله- قدوة حسنة وأنموذجًا يحتذى به في شتى المجالات، ومن أبرز ملامح منهجية الملك سلمان في الإدارة من خلال بعدين رئيسيين في مجال الفكر الإداري وهما: الخصائص القيادية والثقافة التنظيمية التي ميزت أداء امارة منطقة الرياض في كافة مراحل التطور التنموي التي مرت بها المملكة، وعلى درجة الخصوص مدينة الرياض بحكم طبيعة المدينة كعاصمة للدولة تنطلق منها القرارات الإستراتيجية ومركز للبعثات الدبلوماسية ذات التواصل الذي يتعدى نطاق المجتمع المحلي إلى ما هو أبعد من ذلك.
تمثل الخصائص القيادية للملك سلمان نموذجًا فريدًا في مجال القيادة، فالقيادة هي روح الإدارة ومحركها الدائم والمستمر، وفن التعامل مع الأفراد والجماعات، كان ومازال -للملك سلمان- حضورًا متميزًا في مختلف المحافل الدولية.
يرى غالبية علماء الإدارة أن القيادة هي العملية التي يؤثر فيها القائد في الآخرين، وتحمل في جوهرها مخزون الفرد المعرفي من معتقدات وقيم وسلوك ومعرفة ومهارات، ويضيف البعض أن القيادة نشاط إداري يهدف إلى تعظيم الإنتاجية وتنشيط الابتكار في حل المشكلات، ورفع الروح المعنوية والرضا، والبعد العقائدي الديني بقيمه الإسلامية من أبرز خصائص الملك سلمان، ولا يخفى على أحد أن استلهام منهج القائد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- من خلال اتباع سياسة الأبواب المفتوحة وتلمس احتياجات المواطنين والعمل بشفافية مع الجميع له دور هام في تشكيل شخصية الأبناء القادة العظماء الذين سطر لهم التاريخ الحديث بمداد الفخر والاعتزاز منجزات قيادية تحكي عنها كتب السير للرجال العظماء، وقد شهد من عمل مع الملك سلمان بأنه كان يهتم برفع الروح المعنوية لكل العاملين في امارة منطقة الرياض ويستخدم عبارات الفخر والاعتزاز بانتمائهم للإمارة كموظفين فيها.
كما كان -رعاه الله- يتمتع بمهارات الاتصال الناجحة، حيث يعد الملك سلمان من القيادات النادرة الفعالة التي تتحلى دائما بمهارات اتصال عالية، وكذلك حسن الاستماع وكيفية توصيل الأفكار ونقل الرسائل بكفاءة بالرغم من كثرة مهامه.
وبالبحث عن مصادر هذه الثقافة التنظيمية المتميزة نجد أنها لدى الملك سلمان أتت من مصادر عديدة يمكن إيجازها في المصادر التالية: الدين الإسلامي حيث شكل الدين عنصرًا قويًا في خلق القيم في الثقافة التنظيمية وهي إحدى أبرز ما يميز قادة المملكة بصفة عامة.. الأسرة وهي إحدى المصادر الأساسية في تكوين القيم لدى الملك سلمان حيث نشأ في بيت قيادي مستنيرًا بمنهج القائد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ومشاركة أبنائه البررة من بعده -رحمهم الله- لرفعة وعزة الإسلام والمسلمين.
المجتمع ومؤسساته التعليمية السائدة منذ بواكير الإدارة لدى الملك سلمان والتي قامت على أسس دينية تركزت على قيم ثقافية تهدف إلى صقل الفرد نحو الإبداع في مجال ما أوتمن عليه.. كما لعبت الخبرات والتراكم المعرفي لدى الملك سلمان دورًا كبيرًا من خلال المواقف التي مرت عليه في مختلف مجالات الحياة سواء على المستوى الشخصي أو الوطني أو الدولي والتي شكلت مخزونًا متميزًا من الثقافة التنظيمية وانعكست على أداء العاملين في الإمارة خاصة في مجال الإنتاج والمسؤولية ومصلحة المجتمع.
إن النجاح في أداء الإدارة المحلية لأمارة منطقة الرياض ما هو إلا انعكاس لدور المدينة الذي أصبح مهما لتطوير المجتمع واحترام ما يصدر عن المواطنين وتنميته حيث أضحت الرياض المركز الرئيسي لانتاج الثروات ففيها تتركز القوى الاقتصادية والصناعية والمحرك الهام للنمو وهي المكان الطبيعي الذي تولد فيه الأنماط الجديدة للحياة والعلاقات الجيدة للعمل وكذلك العلاقات الاجتماعية بين فئات وطبقات المجتمع حتى الثقافة العلمية لها طابع المدينة مما جعلها قادرة بصورة أو بأخرى لها التحكم بحضارة المستقبل.
والمملكة اليوم في عهد الملك سلمان تعيش حقبة تاريخية من التطوير والتغيير، ومع الرؤية الوطنية المباركة حققنا أعلى مؤشرات للأداء ورغم كل التحديات والظروف والأزمات التي عانى منها العالم بأسره كانت المملكة بقيادتها الحكيمة أنموذجًا يحتذى به في كل المجالات في ظل جائحة كورونا وأزمة الاقتصاد العالمي، كتبنا للتاريخ كيف تكون القيادة ملهمة وكيف يكون الشعب أكثر ايمانًا بقدراته وبوطنه وله عزيمة تعانق قمم الجبال، نحن -السعوديين- سنشكل علامة فارقة في تاريخ البشرية المعاصر وسنتوكل على الله ونعمل بكل جد وإخلاص لتبقى المملكة في مصاف الدول العظمى والريادة الحقيقية في كل المجالات.