عُرف البولندي تشارلز دومري، المولود عام 1775م بين تسعة إخوة، بآكل لحوم القطط، حيث فشل من شراهته الزائدة في سد جوعه، ولما توفيت عائلته بالجدري التحق بسن 13 بالجيش، لكنه ظل نهمًا، لدرجة أن قائد الكتيبة خصص كل راتبه لشراء الطعام له، ومع هذا كان يطارد ويلتهم قطط الشوارع، كان يتلذذ باللحوم النيئة وكبد الجاموس والبقر، قبل أن تحوله شراهته لآكل لحوم البشر، حيث أنهى تشارلز عمله بالجيش والتحق بالعمل على متن سفينة حربية مهمته فيها تخليصهم من جثث البحارة الذين ضربتهم المدفعية، حتى تم أسره، ومع ذلك تعاطف معه حراس الأعداء ومنحوه حصصهم الإضافية من الطعام، كل هذا بفعل إصابته المزمنة بـ(لعنة الشهية المفتوحة)!
اليوم تبدل حرف الياء في (لعنة الشهية) إلى (راء) لتطارد (لعنة الشهرة المفتوحة) مشاهير الفلس الذين لم يعد يسد نهمهم للفلاشات والأضواء، لا آلاف الإعجابات ولا ملايين الإعلانات، حتى صموا آذاننا وعكروا صفو حياتنا بحكاياتهم المفبركة الساعية لسد جوع الظهور والشهرة!!
أحد مشاهير الفلس، ظل يروي متكئًاعلى لكنته -التي شوه جمالها- حكاية ابتزازه من قبل صديق عمره، وكان -بين كل كلمة وكلمة- يحلف أغلظ الأيمان أنه صادق ومصدوم ويحب ألا يسرد قصصًا سلبية لولا غايته المنشودة بالتوعية!، فيما تصدرت (الترند) مشهورة وافدة تدعي -وزوجها الإمعة يتبعها مكفكفاً دموعه- تعرضها وأبنائها لحادث مأساوي مروع وغبي أثناء تصوير الراكبة بجانبها -وليست هي- لسنابه أثناء قيادتها السيارة!!
بينما دأب لاستفزازنا ذلك الشاب الجنوبي -الذي ما زال يسيء لزي وسمعة قبيلته- بمواقفه المصطنعة والغبية: مرة ترفضه خطيبته لأنه اعتاد (يكرع) بصوت عالٍ، ومرة تتخلف عن حضور فرحها لذهابها إلى الكوافيرة من العصر بسيارته!، ليتضح في النهاية لمتابعي الغفلة أن كل هذه المواقف الشخصية والقصص المأساوية التي رواها مشاهير الفلس بتأثر كبير مجرد أفلام هندية هدفها السعي وراء الإحساس بشبع الشهرة المفتوحة!!
لا أحد ينكر أن أرفف المكتبات ودور معارض الكتاب مليئة عن آخرها بقصص وروايات أدبية منسوجة بعناية من وحي خيال مؤلفيها، وهو الأمر الذي يمكن تطبيقه بمواقع التواصل متى كانت القصة مصاغة أدبياً ولا ترتبط بأي زمان أو مكان أو شخصية بعينها، أما أن تأتي بصيغة خبرية أو تنسب لراوي القصة نفسه (ويحلف أو يبكي أو يتلاعب برياكشن وجهه) حتى يضفي عليها صفة الواقعية والمصداقية وبأسلوب ركيك ورسائل هادمة، فهذا تحايل وتضليل ومحاولة للإثراء والتكسب غير المشروع! لهذا نناشد بتطبيق (المادة السادسة) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية التي تجرم إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة، والتي تصل العقوبة فيها إلى السجن 5 سنوات و/أو غرامة 3 ملايين ريال!
أما أن يترك الحابل على الغارب بيد مشاهير الفلس لينتجوا مواقفهم الشخصية الكاذبة، فإن نهمهم الزائد وشهيتهم المفتوحة للشهرة على الآخر ستتعدى معاناة البولندي تشارلز، لنجدهم يطوفون شوارعنا ويلاحقون كافة البشر الناقمين عليهم ليتلذذوا بأكل سمعتهم ولحومهم وأعراضهم دون خوف ولا خجل، ولا تقل: أين تذهب ملايين إعلاناتهم (المتلتلة) فقد خصصوها بغباء منقطع النظير لشراء أطباق حكاياتهم المزيفة!!
هذا ويتراءى لي أنهم حتى في حالة أسرهم والقبض عليهم سيجدون تعاطفاً من قبل حراس السجن، الذين سيمنحونهم حصتهم من المواقف الشخصية الحقيقية لينسبوها لأنفسهم ويرووها وراء القضبان على (معلم السجن) تجنباً لغضبه الشديد وهو يغمز متهكماً ويأمر صبيانه الجياع (وضبوهم)، وكل هذا بفعل إصابتهم المزمنة بـ(لعنة الشهرة المفتوحة)!.