أكد عددٌ من الكتّاب والروائيين العرب الحاصلين على جوائز ثقافية أن القارئ هو الغاية الرئيسة للكاتب على اختلاف الأجناس التي يكتب بها، إلا أن ذلك لا يعني أن يفرض القارئ سلطته على المبدع ويقيّد حريتّه، مشيرين إلى أن الجوائز رغم أهميتها للكاتب، إلا أنها قد تتحوّل إلى تحدي أمام الكتاب وتعيق مسيرتهم الإبداعية، إذا أصبحت هاجسهم وشاغلهم وباتوا يتكلفون الكتابة لإرضاء لجان التحكيم، وقالوا: إن الجوائز تأتي في آخر اهتماماتهم لأن القارئ هو هدفهم الرئيس.
«شقة زبيدة»
في البداية تحدث الروائي الإماراتي عبدالله النعيمي: عن «روايته (شقة زبيدة) التي حازت على جائزة أفضل كتاب إماراتي في معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 2019، وقال: إنها رواية اجتماعية تحكي قصة معاناة إنسانية، وتعبر عن أوضاع مأساوية تمر بها بطلة الرواية، وتحولها من حالة الرخاء والاستقرار الاجتماعي، إلى حالة الخراب الذي أفرزته الحروب ومآسي دمارها»، مبيناً أنه لم يتعرض فيها لمكان أو زمان محدد، كي تلامس معاناة الإنسان أياً كان وفي أي مكان وُجد.
وقال عبدالله: إنه لا يكتب للجوائز، وإنما يكتب لمتعة الكتابة، ويعيش عالم الكتابة بكل تجلياته، ولا ينبغي لأي كاتب أن يقع في فخ الكتابة لأجل الجوائز، لأن ذلك يدفعه إلى التصنع والتقيد، ولا بد للإبداع أن يطلق له العنان كي يكون مؤهلاً لاعتلاء منصات النجاح، لافتاً إلى أن الجائزة الرصينة، التي تعمل وفق منهجيات احترافية تمنح الكاتب تقييماً واقعياً لعمله، وتشكل دافعاً كبيراً للكاتب للاستمرار.
فناء النسيان
أما الكاتبة والروائية العراقية شهد الراوي التي وصلت روايتها «ساعة بغداد» إلى القائمة القصيرة للرواية العربية، في الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) فقد أوضحت أنها كتبتها بهدف مكافحة النسيان الذي يمر به الإنسان، حيث توثق فترة مهمة من مراحل العراق، واختلافات أوضاعه بين مرحلتي ما قبل الحرب وبعدها، وهي ترصد التحركات السلوكية ونمط الحياة والتغييرات التي أفرزتها الحرب على كافة وجوه الحياة في بغداد، حتى المتغيرات التي طالت المطبخ العراقي، وذلك بعين طفلة مرت عليها تلك المآسي في مراحل نضجها.
وأشارت شهد إلى ما وصفتها بالخلطات الجاهزة التي يضعها بعض الكتاب في أعمالهم، تماشياً مع متطلبات الجوائز ولجان تحكيمها، وأكدت أن هذه الخلطات بدت واضحة في أعمال عدد من المبدعين المرموقين، مشيرة إلى أن القراءة للكاتب تجعله بارعاً في فهم الآخر وهو يكتب، وهذا من الأهمية في ولادة أعمال إبداعية تخترق المجتمع وتسمو بأفراده، وقالت: «من غير المنصف تقييم الإبداع بلجنة تحكيم قوامها خمسة أشخاص، حيث ترى أن المبدع لا تحكمه لجنة تحكيم، لأن الإبداع بحد ذاته هو عمل خارج عن نطاق المعتاد أو القيود، أما ما يقيم العمل الإبداعي الحقيقي هو مدى استدامته واستمرارية تأثيره».
أدب الطفل
من جهتها أشارت الروائية المصرية أمل فرح الحائزة على عدد من الجوائز في أدب الطفل إلى أنها حطت رحالها في عالم الكتابة للطفل، بعد أن صدمها عالم الكبار، مؤكدة أن الإبداع هو أهم وسيلة لترسيخ أركان الإنسانية بين البشر، وليس من أهدافها الحصول على الجوائز بقدر ما هي حريصة على الإبداع وترسخ قيم الإنسانية.
أمانة السرد
وحول روايتها «ثلاثية الدال» الفائزة بجائزة أفضل رواية إماراتية في مجال الإبداع، قالت نادية النجار: «إن الرواية تتحدث عن حادثة واقعية مرت على سفينة في دبي، احترقت منذ أكثر من 50 عاماً، وحاولت أن تكون أمينة في نقل الوقائع ووصف السفينة، وإن كانت شخصياتها من وحي الخيال».
وحول إسهام القراءة في تطوير الأجيال والمجتمعات، قالت نادية: «إن المجتمع القارئ هو مجتمع مبدع؛ لأن القراءة تنمي الخيال، وهو مجتمع مفكر؛ لأن الكتب تطرح الأسئلة، وكذلك هو مجتمع متسامح؛ لأن الكتب تسهم في تلاقح الثقافات»، مشيرة إلى أن الجوائز تزيد من مسؤلية الكاتب وتدفعه للمزيد من الإبداع.