طلاب فشلوا في الدراسة، وأخرون تدنت درجاتهم في الاختبارات، كبار تأخروا في ترقياتهم الوظيفية بسبب انشغالهم غير المبرر، أسر تفككت ووصل الحال بأحد الزوجين لطلب الطلاق أو الخلع، تلك أمثلة بسيطة لظاهرة «الإدمان الإلكتروني» التي اجتاحت معظم المجتمعات في عصر التقنية. فما هو الإدمان الإلكتروني؟، وماهي أسبابه ودوافعه للصغار والكبار معا؟، وهل تسبب جائحة كورونا في ارتفاع معدلات الضحايا بسبب البقاء فترة أطول في المنزل؟ وهل الأمر يحتاج إلى طبيب نفسي للعلاج؟ وكيف يمكن تفادي مخاطر المبالغة في التعامل مع التقنية؟ في البداية تصنف منظمة الصحة العالمية إدمان الألعاب الالكترونية على أنه اضطراب نفسي يدفع الشخص قهرًا للبحث، اللعب، التسوق أو المقامرة سدًا لحاجة أو نقص أو فراغ نفسي لا حاجة مادية، ويجعله هذا الفراغ أو الملل باحثا عن المتعة، ويؤدي ذلك للإدمان إلى تغيرات في دماغ المدمن قد تدمره، وأشارت إلى أن جزءًا كبيرًا من الأطفال هم الذين لايستطيعون ان يمضي وقتهم دون استخدام الجوال أو الألعاب الإلكترونية وينشغلون به طوال يومهم اما بالنسبة لفئة المراهقين والشباب فإنهم يستخدمونه بشكل أقل نسبيًا في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي مثل الأنستجرام والسناب شات وتويتر وغيرها.
أمهات: أولادنا لا يفارقون الإنترنت صباح مساء
حول رؤية الأمهات لإدمان أطفالهن الألعاب الإلكترونية، أشارت أم بندر إلى أن أولادها الأربعة في ازمة وباء كورونا وبعد جلوسنا في البيت أصبحوا لا يفارقون الإنترنت صباح ومساء حتى إنهم لا يريدون تناول الطعام فقط يريدون ان يلعبوا فقط مع اصدقائهم، وأنها لجأت الى طبيب نفسي لحل المشكلة لأنهم منعزلون في الغرفة اكثر من ست عشرة ساعة حول لعبة على الإنترنت.
وقالت أم زكريا: إن ابنها رائد يعاني من التوحد واضطرت ان تعرضه لطبيب ليتم جلساته العلاجية بسبب اندماجه وادمانه للالعاب الالكترونية وتشير أم مازن إلى أن ولدها علي يعاني جدا من الإدمان في البيت حتى عندما تذهب للمناسبات ينشغل باللعب، فيما قالت أم مالك: إن ابنها حسن في الثامنة من عمره ويصحو وينام على الألعاب والتصفح عبر اليوتيوب حتى عند تناول الطعام وعندما تحاول اقناعه بتقليل فترة اللعب يغضب ويثور.
وأفادت أم عمر أنها فقدت السيطرة على ابنها وليد وحاولت ان تغير طريقة شغل وقت فراغه وعرضت عليه بعض الكتب والقنوات الفضائية لكي يستفيد علميا وثقافيا بدلا من ضياع الوقت في الالعاب التي ليس لها اي فائدة دون فائدة.
وذكرت أم محمد أن ابنها محمود يعاني من الصداع العالي بسبب ضياع وقته طوال اليوم حول الألعاب الإلكترونية حيث لا يرضى بشيء آخر مثل الكتب وغيرها.
وقالت أم هاني: إن ابنها سعد يستخدم الإلكترونيات بشكل إيجابي بالبحث عن القصص والروايات وتحميل بعض الكتب.
شباب: للأسف وسيلتنا الأولى لتضييع الوقت
وبالنسبة للمراهقين والشباب ومدى تفاعلهم مع الألعاب الإلكترونية ومبررات ذلك، قال خالد عبدو: إنه يستخدم مواقع التواصل الأجتماعي لتضييع الوقت فقط وعندما سألناه هل تخرج بفائدة وهل تبحث عن شيء مفيد في حياتك؟ أجاب قال نعم ولكن قليل جدا فقط استفيد من الاخبار عبر موقع تويتر.
وأشار سعيد محمد الى انه يستخدم الانترنت بشكل سلبي وعندما قلنا له لماذا لا تلجأ للاطلاع على الكتب والجرائد والقنوات الفضائية؟ أجاب انه فقد السيطرة على نفسه ولا يستطيع حل المشكلة لأنه ادمن الالعاب الالكترونية.
وقال أحمد عبدالله: إن إدمانه في الأمور الرقمية والالكترونية هي بسبب التصوير عبر السناب شات ولا يستطيع ان يمضي يومه دون الذهاب الى مكان معين والتصوير.
اما عبدالملك محمد أب لطفلين فقال: إنه سعيد جدًا بأن ابناءه يعرفون استخدام الانترنت ويطلب منهم الشيء الذي يحتاجه مثل تصفح الاخبار او البحث معلومه سابقة، وقال ايضًا: تركت الاولاد فترة طويلة تجاوزت عامين وفوجئت بأنهم لا يريدون أن يفارقوا الإنترنت وعبر عبدالعزيز درويش أنه من الأشخاص الذين يتصفحون في الأمور الرياضية ويمضي وقته في برنامج الأنستجرام ساعات قليلة جدا،وأيضا السناب شات هذا البرنامج فقط للأغاني وآخر الأخبار وبشكل عام وضح عبدالعزيز أنه لم يوصل إلى مرحلة الإدمان.
الإدمان الإلكتروني .. أسباب متعددة
وعن أسباب الادمان الالكتروني،قال فؤاد عوض: إن أحد الأسباب هي ممكن ان تكون من العزلة الاجتماعية والشعور بالخجل وعدم الاستطاعة مواجهة المواقف مثل التعامل مع الناس.
وأشار محمد الياس إلى أن معظم الناس يلجأون الى هذا الامر بسبب حبهم وشغفهم للألعاب الالكترونية واحد الإصدارات.
بينما قال ثامر محمد: إن بعضهم يضيع وقته فقط عندما يشعرون بالملل يستخدم الامور الرقمية للتخلص من وقته.
واشار سعيد ناجي الى أن بعضهم يستصعب القراءة وشراء بعض الكتب واستكشاف بعض الامور، يلجأ للامور السهلة مثل الالكترونيات بشكل سلبي.
وبين علي سمير ان استخدامه فقط للاطلاع على الاخبار والمستجدات وهو مجدول حياته بطريقة حتى لا يدمن على الامور الالكترونية، وذكر عبدالرحمن جلال انه يستفيد من بعض البرامج الوثائقية وليس لضياع الوقت ليطلع منه بفائدة ويروي القصة لبعض الاشخاص وللفائدة أيضا.
سقطي: إهمال الصلاة من أبرز أعراضه
ويشير جمال سقطي المختص في علم النفس الى أن أهم أعراض الإدمان الإلكتروني هو الجلوس لساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي دون السيطرة على الوقت، وقال أيضا: إن من رايه الشخصي أن الإدمان نوعان هما كالتالي:
النوع الأول: مباح
والثاني: غير مباح
وفي نقطة العلاج قال سقطي: إنه دائما يقول لماذا الشخص يصل الى مرحلة المرض لكي يتعالج لماذا لاتكون هناك وقاية، وأشار أيضا ان خطة العلاج الأولى هي الوعي حيث ان الوعي يفتح الطريق ويعلم الشخص ويدرك كل شيء يراه امامه وماهو الصح وماهو الخطا واعطي مثالا بالوردة التي كل يوم يعطيها ماء لكي تعيش وعندما يتركها يوم من الايام ماذا يحصل لها تزبل وتسقط، وقال لا مانع من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ولكن ان يستخدمها في أمور مفيدة وبوعي حتى لا يقع في مشكلات وأمور خطيرة.
الخماسي: 4 أسباب وراء انتشاره
قالت دارين الخماسي الأخصائية التربوية: إن الإدمان الإلكتروني هو الإفراط في استخدام التكنولوجيا والإنترنت وألعاب الفيديو عن طريق استخدام الأجهزة الرقمية والهاتف المحمول والأجهزة اللوحية ولكن كلمة إدمان إلكتروني لم يتم تشخيصها سريريًا للصحة العقلية لأن الشاشات لا تؤثر بنفس الطريقة التي تؤثر بها المخدرات والكحوليات وقد يعتقد بعضهم أنه إدمان ولكن لا تعتمد كيميائيا بنفس الطريقة.
وأشارت أيضا حول أنواع الإدمان الإلكتروني تحدث في عصرنا الحالي صعوبة جمع الأنماط السلوكية المحددة مثل أنواع الإدمان وأنواع كثيرة وقد تختلف من شخص إلى آخر ولم يطلق عليه بمسمى اضطراب.
والإحصائي للاضطراب بأنه يؤثر عقليا ولكن تم جمعه من ضمن الأعراض ضمن إدمان الألعاب ولا يوجد منها أدلة كافية لإدراجها كاضطراب نفسي لذلك من الصعب ان نقول هناك أنواع محددة صعوبة الحصر وإتخاذ العينة.
و حول أثار الإدمان الإلكتروني على الفرد والمجتمع ان منها :» الانعزال، فقدان التواصل، الضيق، الاكتئاب وقالت أيضا: إن الإدمان يسبب التوحد وذكرت انه ليس عاملا رئيسا وأيضا التكنلوجيا ليست عاملا رئيسا لمرض التوحد أو طيف التوحد ويوجد عوامل أخرى ذكرتها وهي: بيئية وجينية ووراثية.
آل رؤوف: ما زاد عن حده انقلب إلى ضده
بين الرئيس التنفيذي لتقنية المعلومات خالد آل رؤوف أن الإسراف في أي شيء له عيوبه وللأسف فأننا نسرف في استخدام الانترنت والأجهزة الإلكترونية مما قد يؤدي الى اضرار على المدى الطويل، داعيا الى التحكم بالأجهزة الالكترونية بقوة العقل.
وقال: إن جميع الخدمات الإلكترونية يمكنها أن تكون سلاحا ذا حدين، الاهم من ذلك الوعي عند استخدامها والتركيز على ايجاد الفوائد منها أكثر من الاضرار. ونعم يمكن لبعض الاجهزة ان تكون أكثر فائدة من غيرها، كما يمكن لبعض الاجهزة أن تكون اكثر ضررا ذكر أن من مراحل الإدمان الالكتروني هي ان يبدأ الادمان الالكتروني بشكل متدرج وغير واع، حيث ينجذب الشخص للميزات التي ينالها من التعامل مع الالكترونيات من تسهيلات وتواصل سريع ووصول أسرع للكثير من الأمور المهمة في حياته، ثم يتحول الأمر بشكل غير واع الى انفصال عن الواقع والاجتماعيات والاسرة، واعتماد كلي وتام على مواقع التواصل وشيئا فشيئا يفقد القدرة على الاعتماد على قدراته وفكره محملا كل مسؤولية ذلك إلى الاجهزة والالكترونيات، فضلا عن فقدان القدرة على التواصل الحقيقي طرديا وتوازيا مع زيادة التواصل الافتراضي، حيث يلحظ لدى مدمني الالكترونيات قدرتهم الهائلة على التواصل المتعدد عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحياتهم الاجتماعية الممتازة افتراضيا بخلاف الواقع.
40 % يخفون عدد الساعات في الألعاب الإكترونية
كشفت دراسة استطلاعية عالمية نفذتها شركة سافانتا للأبحاث حول الألعاب الإكترونية في المملكة أن 40 % من ممارسي ألعاب الفيديو في المملكة يخفون عدد ساعات اللعب ووجدت الدراسة أنه وفقا للاعبين، فإن الشعور بالخجل من ممارسة ألعاب الفيديو راجع إلى محاولات تقليدية، مما قد تكون آراء أولياء الأمور مثل كون هذه الألعاب «ضارة بالصحة» بنسبة 60 في المائة أو «تفسد العقل» بنسبة 48 في المائة.
ويرى ممارسو ألعاب الفيديو أن أكبر خيبة أمل تصيبهم تتمثل في قلة تفاعل أولياء الأمور مع شغفهم تجاه الألعاب، على الرغم من أنهم يدركون عديدا من الإيجابيات التي تنطوي عليها، مثل الإبداع بنسبة 33 في المائة، والمهارات الاجتماعية بنسبة 42 في المائة، وتعلم لغة أجنبية بنسبة 50 في المائة، ويرجع ذلك أساسا إلى طريقة اللعب واختلاف العناصر الاجتماعية للألعاب كثيرا عن تلك الموجودة في الأفلام والموسيقى، وفي الواقع، يرى نصف اللاعبين أنه إذا «انخرط» أولياء أمورهم في عالم الألعاب، فإن علاقتهم بهم ستكون أفضل بشكل عام.
9 أسباب وراء الإدمان الإلكتروني:
* ارتباط الوجود على الإنترنت بالمتعة كألعاب الفيديو.
* فقدان الثقة بالنفس والحاجة للظهور بهوية مختلفة.
* الوحدة المستمرة وعدم القدرة على تكوين الأصدقاء.
* عنصر المفاجأة والتوقع يجعل الشخص يتصفح حسابه لاكتشاف آخر الأخبار.
* الفضول المستمر والبحث الحثيث وراء الأشخاص الذين انقطعت بينك وبينهم السبل.
* الانسحاب الاجتماعي وتفضيل العزلة على حضور الأحداث والفعاليات والأنشطة.
* الخوف من الحكم على الشخص وبالتالي يظهر بهوية زائف.
* التعرض لتشوه خلقي يدفع الشخص للبقاء معزولا وراء الشاشة باطمئنان .
* الآلام والأمراض المزمنة التي تبقي الشخص فترة طويلة قعيد الفراش العالم.
خطة تدريجية للتخلص من الإدمان الإلكتروني
• تخفيض عدد الساعات اليومية لاستخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية
• تعزيز الروابط الاجتماعية بقضاء الأوقات مع الأهل والأصدقاء
• تنظيم مواعيد النوم
• التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأقل ساعتين قبل النوم
• تخصيص أوقات معينة لاستخدام الالعاب الإلكترونية للأطفال
• ضبط منبه قبل البدء باستخدام الانترنت للتأكد من عدم تجاوز الوقت المحدد
• تعلم مهارات سلوكية جديدة حتى تتمكن من التخلي عن السلوكيات التي تسبب الإدمان.
ابرز الأضرار
• العزلة الاجتماعية ورفض العالم الواقعي والتعلق بالعالم الافتراضي
• سرعة الغضب وتزايد السلوك العدواني
• آلام الرقبة والعمود الفقري نتيجة الجلوس لساعات طويلة
• ضعف النظر في بعض الحالات نتيجة للتعرض الطويلة للاشعة والموجات الكهرومغناطيسية
• ضعف التركيز والتشتت السريع فكريا
فوائد التواصل الإلكتروني المنضبط
1.سهولة الاتصال مع أي شخص
2. سرعة نقل المعلومات
3. سهولة البحث عن أية معلومة
4. الدراسة عن بعد
5. معرفة الأخبار والأحداث حول العالم
6. الوصول إلى الخدمات الحكومية
الأعراض النفسية والجسدية للإدمان الإلكتروني:
1. الاكتئاب والقلق.
2. غياب الأمانة.
3. تقلب المزاج.
4. فقدان معنى للوقت.
5. الشعور بالوحدة.
6. آلام الظهر وآلام الناتجة عن الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات بأوضاع غير صحية.
7. جفاف العيون وتشوش الرؤية بسبب حالة الإرهاق.
8. زيادة الوزن أو فقدانه.
في بيتنا مدمن «إلكتروني»!
تاريخ النشر: 25 نوفمبر 2021 22:46 KSA
شباب وأمهات يسردون تجاربهم المريرة ومختصون يقدمون الحلول
A A