.. بالتأكيد لكبار السن قدرهم ومكانتهم واحترامهم، ومن هم كبار السن؟ إنهم آباؤنا، وغدًا نحن.. والتكافل الاجتماعي «رسميًا ومجتمعيًا» هو جزء من هذا التقدير..
*****
.. هذه فاتحة أولى، وفيها إشارة إلى التعليقات التي صاحبت مقال الأستاذة ميسون الدخيل في الزميلة الوطن.. «إنهم يتكاثرون فلنتخلص منهم» وتقصد كبار السن!!.
ومن وجهة نظري فبداياته كانت سخرية افتراضية فيها إيماءة لأولئك الذين يقيمون مردود المتقاعدين وفق نظرة اقتصادية صرفة، أي: واحد + واحد = اثنين، وبالتالي يرون أن المتقاعدين المعمرين عبئًا على الاقتصاد.. على اعتبار أن الاقتصاد يتعامل مع مخرجات أكثر مما يتعامل مع قيم وإنسانيات.. في حين حمل شطره الآخر حلولاً عملية للتقاعد والمتقاعدين. لكن أصحاب «العقول الجاهزة» قعقعوا على البداية ولم يستوعبوا أو لم يصلوا إلى النهاية، وربما أغراهم خداع العنوان..!!
*****
.. وفي الجراب عن المتقاعدين الكثير من التفريعات، وسأتجاوز أكثرها مما كان يشكل جدليات في أحايين كثيرة من حيث سن التقاعد ونسب الاستقطاع والاستثمار والعوائد.. وهذه كلها دون شك تحت منظور الدولة «تطويرًا وتحديثًا» وصولاً إلى الارتقاء بتجويد الخدمة والمردود الاستثماري، ولعل دمج نظام المتقاعدين مع التأمينات الاجتماعية يعد أنموذجًا للتحديث والتطوير..
*****
.. أيضًا لن أتطرق الى كبار السن الذين ليس لهم قدرة بسبب تقدم السن أو لأسباب صحية، فهؤلاء توليهم الدولة رعاية اجتماعية فائقة سواء داخل دور الرعاية أو حتى داخل أسرهم.. ونعرف أن أول دار رعاية كانت عام 1352هـ وهذا يدل على تأصيل اهتمام الدولة بقضية الرعاية الاجتماعية..
*****
.. لكن ما أركزعليه (هنا) هو المتقاعد الذي لديه القدرة.. هؤلاء كنوز خبرات، ومع الأسف بعد التقاعد يصبح جلها خبرات مهدرة.. إما بسبب عدم وجود أنظمة لإعادة تدويرها وتوظيفها واستثمارها أو لعدم قدرة المتقاعد نفسه من الاستفادة من خبراته بعد تقاعده.. بل ونجد هناك ما يشبه الانفصام ما بين المتقاعد والعمل، ولعل آخر ارتباط للمتقاعد في هذا عندما يتسلم إخلاء طرفه..!!
*****
.. ومن ينظر إلى بعض تجارب المتقاعدين القادرين على العطاء يجدها تجارب ذاتية ومشتتة وغير منظمة، وليست ذات شأن في وضعنا التنموي رغم هذا الكم من الخبرات.. وخلال رصدي للكثير من آراء المتقاعدين وجدتهم يشتكون من عدم وجود عمل ومن الفراغ ومن الديون ومن الأمراض..!!
*****
.. إن إعادة المتقاعد القادر إلى منظومة العمل وفق آليات منظمة ستؤدي حتمًا إلى مجموعة من المكتسبات، يأتي في طليعتها زيادة قدرة المتقاعد على مواجهة أعباء الحياة المتصاعدة وضخ خبرات مهنية في القوى العاملة وربما بتكلفة معقولة.. وبالإمكان أيضًا تحريك سوق العمل للمتقاعدين من خلال مؤسسات صغيرة وقروض ميسرة مع إيجاد سياسة منظمة ومرشدة في هذا الشأن..
*****
.. أخيرًا.. وجدت أن لدينا أكثر من اثنتي عشرة جهة داخل وزارة الموارد البشرية وخارجها كلها تعنى بالشأن الاجتماعي، ولدينا أطياف متعددة ومتنوعة في الرعاية والتنمية الاجتماعية.. المشكلة ليست في التنظيمات والتشريعات، ولكن مع أولئك الذين يرون أنفسهم أوصياء على المجتمع من منظرين ومتنفذين..!!