تتحفنا المؤسسات المالية والدولية عن اتجاهات الاقتصاد المستقبلية والأداء الزمني السابق حول تحسن وارتفاع مستويات النمو، الأمر الذي يعطينا إشارة إيجابية.. ولكن المستقبل بيد الله، فمع هذه الإشارات الإيجابية هناك متغيرات خارجية سلبية أهمها ارتفاع مستويات الأسعار للمواد الخام والنقل، وما يتبعها من اللوجستيات وبصورة كبيرة ومؤثرة، وكأنها تهدف إلى خنق النمو المفترض حصوله.. ولكن لكل شيء الصورة الإيجابية له، حيث إن تاثير اللوجستيات ينخفض مع المصادر المحلية والأسواق المحلية.. الوضع الذي يؤدي إلى تحسن المنتج المحلي في أسواقه المحلية، ويضعف المنتج المصدر أو المستورد.
ولعل النظرة حول أوان الاستثمار ترتبط بطبيعة ومكان الاستثمار، فهل خلقت الأحداث العالمية موانع وحواجز انتهت في الحقبة ما قبل الكورونا، وهل تأثرت مقولة إن العالم قرية؟.. لاشك أن الحواجز والضغوط ومحاولة التعويض لها آثارها السلبية على المنافسة العالمية، وعلى انسياب التجارة العالمية.. ولاشك أن الضغوط المالية حول العالم وعلى الأجهزة الحكومية لمختلف دول العالم أصبحت عبء في ظل الرغبة في التعويض، وإلغاء الآثار الخاصة بالجائحة والتي حدثت خلال العامين السابقين.
لا نزال ننتظر انجلاء التأثير في ظل المتحورات وعودة الاقتصاد لسابق عهده، وعودة الأمور لطبيعتها.. ولاشك أن التقاطعات (interruption) التي نعايشها تزيد من الضغوط علي الاقتصاد والاتجاهات الاستثمارية.. وكلما دق الناقوس بحدثٍ جديد يسارع الإعلام بتضخيمه، ومعه المنظمات الصحية من باب الجهل بالشيء وأثره، وحتى ندرك تعود الأمور لسابق عهدها.
لاشك أن الاستثمار في المستقبل حقيقة ماثلة أمامنا، ولكن المطلوب التدرج وعدم الانتفاع ودراسة درجة قابلية استثماراتنا لتأثير الحدث علينا.. فهناك استثمارات درجة تأثرها منخفضة بالأحداث، وهناك استثمارات درجة حساسيتها مرتفعة.. وبالتالي يعد الدخول فيها -بغض النظر عن الأحداث- سهلاً أو صعبًا.. لذلك من المهم أن تدرس الأحداث المتوقعة، ويتم ربط الاستثمار بها، حتى لا نقع فيما لا تُحمد عُقباه.. والاندفاع دون أن يكون هناك تبصُّر وروية تُكلِّف المستثمر غاليًا.. وما ينطبق على الاستثمار المباشر ينطبق على أسواق الأسهم والسندات؛ عند اتخاذ قرار الدخول أو الخروج منها.