* في إحدى العواصم العربية قرأتُ في إحدى الصّحف الأسبوعية الثقافية مقالاً لـ(أحد المثقفين والإعلاميين هناك)، فِيْهِ يَصِف رحلة حجِّه؛ ساخراً من المناسك وتفاصيلها، زاعماً بأنها مجرد ممارسات وَثَنِيّة، وهذا يبدو طبيعياً باعتبار أنّ فِكْرَه ظلَّ حائراً بين (العلمانية والشيوعية)، ولكن الغريب أنه ختم مقَاله مهاجماً «السعودية ورموزها ومنهجها الديني»؛ رغم تأكيده في استفتاحه بأنه إنما حَجّ غَصْبَاً عنه، مجاملة لإصرار (إحدى مؤسساتنا الحكومية) على دعوته تكراراً ومراراً ليكون واحداً ممَّن يُقدَّم لهم (الحج مجاناً).
* وهنا أرجوكم قبل نطقكم أو رَسْمِكُم لعلامات الاستفهام تَريَّثُوا، فالقَادم أكثر غرابة، ففي (مؤتمرٍ عالمي لمكافحة الإرهاب) -كنتُ رئيسَ لَجْنَتِهِ الإعلامية- جاء التوجيه الكريم بدعوة عدد كبير من الإعلاميين والمفكرين من مختلف الدول العربية والإسلامية، على أن تتولى السفارات السعودية اختيارهم، وكانت الصّدمة أنّ القائمة المرشحة من بعضها -والتي رُفِضت بإجماع الإدارة العليا للمؤتمر- حمَلَت أسماء؛ منهجها الثّابت والمستمر الإساءة زوراً وبهتاناً لـ»وطننا ومواقفه العادلة»!!
* هذان المشهدان المؤلمان -وغيرهما الكثير- أتذكرهما دائماً وبعض مؤسساتنا في برامجها وفعالياتها تُصرُّ على استضافة زمرة من (المثقفين والإعلاميين والممثلين والمشاهير) مع أن منهم الذين يُعْلِنُون نصّاً وصوتاً وصورة من خلال وسائل الإعلام ومواقع التّواصِل عداءهم لكلّ ما هو سُعُودي، ومنهم الذين يُفاخِرون بولائهم الصادق لـ(حزب الله وجماعة الحوثيين، وسَادتهم في إيرَان)!!
* وهنا بالتّأكيد لا نُشَكِّك بـ(وطنية القائمين على تلك المؤسسات والبرامج)، ولكن إذا كانوا يفعلون ذلك إيماناً بالقاعدة التي تنادي باستضافة المسيئين ليطلعوا على الحقائق -فمع رفضي المطلق لهذه القاعدة- إلا أنّ عليهم أن يُدركوا بأنها قد مَاتت منذ سنوات، فقَد نحرتها الثورة الرقمية التي جعلت المعلومات متاحة للجميع، ولاسيما لأولئك الجادين والصادقين في بحثهم المُحَايد عن الحَقِّ والمصداقية.
* أمَّاً إذا كانت استضافة تلك الزمرة المعادية لـ(الوطن) أو استقطابها طمعاً بـ(كلمات ثناء عابرة أو حروف مدح مُسَافِرَة) قد يتلفَّظون بها أو يكتبونها؛ فصدقوني معظمها إنما هو (تُقْيَة) وجاءت تحت تأثير حفاوة وحرارة الاستقبال، ودولارات وهدايا الاستضافة؛ فسرعان ما ستسقط أقنعتهم المزيفة لتظهر ملامحهم القبيحة!.
* أخيراً يَا سادة يا كرام لا تتعجبوا من عواء ونباح تلك الكلاب التي تقتات على (مهاجمة بلاد الحرمين والإساءة لها)، فالمهم ألا يجدوا بيننا من يأويهم، أو يُوفر لهم الأداة أو المنصّة التي منها ترتفع أصواتهم وأقلامهم، والأهَمَّ ثمّ الأهَمّ معرفة أنّ أولئك لا قيمة لهم في مجتمعاتهم، التي يسهل الوصول لها والتأثير الإيجابي فيها، من خلال تعزيز إعلامنا الخارجي، ليكون قوة ناعمة تخاطبهم بلغتهم وفي ساحاتهم ومنصاتهم.