Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
داود بن أحمد العلواني العُمري

رحيل الشيخ صالح اللحيدان.. رجل القضاء والعلم

A A
قال الله تبارك وتعالى: (ولا تدع مع الله إلهاً آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون).. وقال النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي ألا تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب).

إن القلم ليعجز واللسان يتلعثم والكلام يقصر في وصف سماحة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى -رحمه الله-، فله مزايا حميدة وخصال سامية وأعمال فاضلة فشيخنا رحمه الله كان عالماً فاضلاً وشيخاً وقوراً ورعاً تقياً حصيفاً فطناً ذكياً مصلحاً ترى فيه الحلم والأناءة.. وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).. إن فقد العلماء العاملين المخلصين والتقاه الموحدين في هذا الزمان الذي نعيش فيه لتتضاعف به المصائب، لأن العلماء العاملين المخلصين أصبحوا ندرة قليلة بين الناس، وإن فقد العلماء ليس فقداً لشخص العالم فحسب، ولكنه فقد لجزء من تراث النبوة، لأن العلماء ورثة الأنبياء، ولهذا كان فقد العالم لا يعوض بمال ولا بأي عرض من عروض الدنيا، وإنما فقده مصيبة عظيمة على الإسلام والمسلمين.

إنني أكتب وقلبي وغيري ممن عاشر سماحته حزين ولا أقول إلا كما وجهنا وأرشدنا معلم الناس الخير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا نقول إلا ما يرضي ربنا، إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى (إنا لله وإنا إليه راجعون).

لقد فقدنا شيخاً كريماً عالماً فاضلاً خلوقاً عصامياً صدوقاً وفياً مخلصاً أميناً عفيفاً، قاضياً عادلاً يخاف ربه ويصدع بكلمة الحق لا تأخذه في الله لومة لائم، متعبداً لربه على نور وبصيرة، نافعاً لعباد الله بتبصيرهم في عباداتهم ومبيناً لهم في تعاملهم ومعاملاتهم ممن قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، حيث كان يوصي بالتفقه في أمور الدين وإصلاح السريرة مع الله عز وجل، تقياً لربه وجلاً خائفاً يرجو ثوابه ويخاف عقابه، مؤمناً هيناً ليناً كان يحنو على أصدقائه ويصل أرحامه ويفعل الخير، فصيح الكلام إذا تكلم يوضح ويبين، يرتاح له من يسمع حديثه يحث على الصدق والصيام والصدقة وبر الوالدين والصلة، كان كثير الدعاء والذكر، كان ذو رأي حصيف سديد يخلص في النصيحة وإذا استشير يبدي المشورة، كان رحمه الله تعالى يخفي الإنفاق فلا يحب أن يراه أحداً أو يطلع على صدقته.

رحم الله الشيخ صالح اللحيدان وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في دار كرمه ومستقر رحمته على سرر متقابلين ورزقنا الله جميعاً شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونسأل الله جل وعلا أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يريه مقعده في الجنة صباحاً ومساءً وأن يجعل الخير والبركة والصلاح في أولاده وأحفاده وأسباطه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store