حين بدأ الأصدقاء يتقاطرون على المخيم الشتوي الذي نصبوه بأطراف المدينة، كان صديقهم الخمسيني الملقب بـ(سي السيد) قد سبقهم كالعادة، فأشعل النار وحضر براد الشاي ومعسل التفاح، لقد بدا مهموماً قلقاً، ينظر للأرض، ويرسم بالعود الذي بيده على الرملة شخابيط لا معنى لها، ثم يحلق عالياً للسماء مطلقاً زفراته، ونافثاً الدخان الكثيف من حوله، حتى بدا وكأنه قطار بضائع عتيق انتهى عمره الافتراضي ومع ذلك يتم شحنه يومياً بحمولة زائدة، ويطلب منه السير بنفس السرعة والمسافة!!
خير، خير، وش فيك ضايق خاطرك يا (سي السيد) قالها ضاحكاً أكثر الأصدقاء قرباً وفهماً له وهو يسوي فرشته ومسنده استعداداً للجلوس بجانبه، ليتنهد قائلاً: أنا ما أدري ألقاها منك وألا من العمل وألا من زوجتي النقمة وألا من هموم الأولاد وألا الفواتير وألا التجار اللي كل يوم يرفعوا الأسعار، وألا من هذا المعسل المغشوش اللي تغير طعمه ولا عاد يكيف رؤوسنا مثل الأول!!
هنا اكتمل الأصدقاء وشرب كل منهم فنجان قهوته من يد (سي السيد) قبل أن يسأله أحدهم بخبث قائلاً؛ شكلك نمت هنا البارحة؟، ليطلق زفراته وويلاته، سارداً؛ من غيرها، طلبتني ٣ آلاف ريال، قلت لها (منينه؟!) قالت أنا أوريك منينه، وكلها ساعتين وتردني رسالة بنكية بإجراء عملية شراء مجوهرات بقيمة ١٠ آلاف ريال، من بطاقة صرافة سبق صورتها بجوالها وأخذت الرمز بحجة لو جاهم ضيوف في غيابي! هنا اختلطت ضحكة الأصدقاء المتزوجين مع القلق الذي ارتسم على ملامحهم، فيما عدل (سي السيد) من جلسته وراح يكمل حكايته؛ رجعت للبيت قفلانة معي، وما أن فتحت الباب حتى صرخت بها، لتأتي خائفة منهارة والأولاد يبكون من حولها، لكن قسوتي أبت أن أصفح عنها، فرفعت يدي عليها وضربتها كف على وجهها، ثم سحبتها من شعرها كالشاة إلى الغرفة واسترديت الذهب والمجوهرات!!
عندها تنفس الأصدقاء المتزوجين الصعداء وأخذوا يرددون تباعاً «صدق من سماك (سي السيد)»، لكنه ظل طوال السهرة شارد الذهن، أكل لقمتين من العشاء وقام، لعب خمس صكات بلوت وما فاز ولا مرة، وكان يحتاج الواحد لترديد اسمه مراراً حتى يجاوبه!، ولما اقترب الصبح وهم الجميع بالمغادرة، قام يلقم البراد ويركب الحجر فداعبه صديقه المقرب ساخراً؛ حتى اليوم بتنام هنا، والله شكل زوجتك هي اللي كفختك، ليرد عليه ضاحكاً لا ياشيخ ما توصل لهالدرجة، لكن يقولون عندها أعراض كورونا، وعز الله غير أذبح (حاشي) لو ظهرت النتيجة إيجابية!!
بقي (سي السيد) وحيداً بهذا المكان الموحش وقد ارتدى كوته اتقاءً برد الصباح القارس، وعاد بذاكرته لحقيقة تلك اللحظة -الله لا يعيدها- حين حاول رفع يده على زوجته وهددته بأن تشتكي لدار الحماية ويسجنونه شهراً ويغرمونه ٥٠ ألفًا، وحين دف دفته لباب الشقة وصارخت بوجهه قائلة؛ «اسمعني زين، الذهب اللي اشتريته والله ما تشوفه، وأنت والله ما تدخل البيت هذا إلا تجيب لي ورقة تثبت أنك قدمت على شغالة»!!
لقد عاد (سي السيد) لهمومه وقلقه، ينظر للأرض، ويرسم بالعود الذي بيده على الرملة شخابيط لا معنى لها، ثم يحلق عالياً للسماء مطلقاً زفراته، ونافثاً الدخان الكثيف من حوله، وهو يتأمل تلك البقعة النائية من الأرض وقد تحولت لما يشبه (مخيم اللاجئين) المكتظ عن آخره بالمتزوجين أشباه (سي السيد) ممن فقدوا هيبتهم ببيوتهم وباتوا موضة قديمة لا يمكنها التكيف مع تطورات الحياة العصرية!!.
خير، خير، وش فيك ضايق خاطرك يا (سي السيد) قالها ضاحكاً أكثر الأصدقاء قرباً وفهماً له وهو يسوي فرشته ومسنده استعداداً للجلوس بجانبه، ليتنهد قائلاً: أنا ما أدري ألقاها منك وألا من العمل وألا من زوجتي النقمة وألا من هموم الأولاد وألا الفواتير وألا التجار اللي كل يوم يرفعوا الأسعار، وألا من هذا المعسل المغشوش اللي تغير طعمه ولا عاد يكيف رؤوسنا مثل الأول!!
هنا اكتمل الأصدقاء وشرب كل منهم فنجان قهوته من يد (سي السيد) قبل أن يسأله أحدهم بخبث قائلاً؛ شكلك نمت هنا البارحة؟، ليطلق زفراته وويلاته، سارداً؛ من غيرها، طلبتني ٣ آلاف ريال، قلت لها (منينه؟!) قالت أنا أوريك منينه، وكلها ساعتين وتردني رسالة بنكية بإجراء عملية شراء مجوهرات بقيمة ١٠ آلاف ريال، من بطاقة صرافة سبق صورتها بجوالها وأخذت الرمز بحجة لو جاهم ضيوف في غيابي! هنا اختلطت ضحكة الأصدقاء المتزوجين مع القلق الذي ارتسم على ملامحهم، فيما عدل (سي السيد) من جلسته وراح يكمل حكايته؛ رجعت للبيت قفلانة معي، وما أن فتحت الباب حتى صرخت بها، لتأتي خائفة منهارة والأولاد يبكون من حولها، لكن قسوتي أبت أن أصفح عنها، فرفعت يدي عليها وضربتها كف على وجهها، ثم سحبتها من شعرها كالشاة إلى الغرفة واسترديت الذهب والمجوهرات!!
عندها تنفس الأصدقاء المتزوجين الصعداء وأخذوا يرددون تباعاً «صدق من سماك (سي السيد)»، لكنه ظل طوال السهرة شارد الذهن، أكل لقمتين من العشاء وقام، لعب خمس صكات بلوت وما فاز ولا مرة، وكان يحتاج الواحد لترديد اسمه مراراً حتى يجاوبه!، ولما اقترب الصبح وهم الجميع بالمغادرة، قام يلقم البراد ويركب الحجر فداعبه صديقه المقرب ساخراً؛ حتى اليوم بتنام هنا، والله شكل زوجتك هي اللي كفختك، ليرد عليه ضاحكاً لا ياشيخ ما توصل لهالدرجة، لكن يقولون عندها أعراض كورونا، وعز الله غير أذبح (حاشي) لو ظهرت النتيجة إيجابية!!
بقي (سي السيد) وحيداً بهذا المكان الموحش وقد ارتدى كوته اتقاءً برد الصباح القارس، وعاد بذاكرته لحقيقة تلك اللحظة -الله لا يعيدها- حين حاول رفع يده على زوجته وهددته بأن تشتكي لدار الحماية ويسجنونه شهراً ويغرمونه ٥٠ ألفًا، وحين دف دفته لباب الشقة وصارخت بوجهه قائلة؛ «اسمعني زين، الذهب اللي اشتريته والله ما تشوفه، وأنت والله ما تدخل البيت هذا إلا تجيب لي ورقة تثبت أنك قدمت على شغالة»!!
لقد عاد (سي السيد) لهمومه وقلقه، ينظر للأرض، ويرسم بالعود الذي بيده على الرملة شخابيط لا معنى لها، ثم يحلق عالياً للسماء مطلقاً زفراته، ونافثاً الدخان الكثيف من حوله، وهو يتأمل تلك البقعة النائية من الأرض وقد تحولت لما يشبه (مخيم اللاجئين) المكتظ عن آخره بالمتزوجين أشباه (سي السيد) ممن فقدوا هيبتهم ببيوتهم وباتوا موضة قديمة لا يمكنها التكيف مع تطورات الحياة العصرية!!.