أتضايق كثيراً من تلك الأدعية التي تصلني كما تصلكم عبر تطبيق «الواتساب» وهي في المجمل أدعية «قص ولصق»، خالية من الحرارة والصدق والإخلاص، وترسل على شكل مجموعات بصيغة واحدة للذكر والأنثى»، والله عز وجل يقول: «وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى».
لقد شكوت إلى أستاذ المواد الشرعية الدكتور «خلف حمود الشغدلي» من هذه الظاهرة فرد الشكوى بمثلها، فقلت له: يا دكتور خلف ليتك ترسل لي رسائل تبين فيها مكانة «أدعية الواتساب» وفق المفهوم الشرعي، فلبى طلبي وأرسل لي هذه الرسالة:
سألتني يا أخي أحمد عن الأدعية التي تنشر في السوشيال ميديا فأقول لك: إنها كثيرة وبكل أسف منها نسبة عالية بلا زمام ولا خطام ولي عليها بعض الملاحظات:
أولاً: الكثير منها فيه تكلف وسجع وإطالة مما يجعل الدعاء كأنه قصة أو موعظة.
ثانياً: الدعاء سمح سهل وخير الدعاء ما جاء في القرآن والسنة فلو نشرناه ودعونا به لكان خيراً لنا، وأفضل الذكر والدعاء ما نزل بالوحي كما قال تعالى عن دعاء آدم عليه السلام «فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه»، أي أنه عُلم الدعاء.
ثالثاً: فيها افتئات على الشرع فخير الدعاء كما سبق في الكتاب والسنة، ولا مقارنة بين أدعية كاملة منزهة وأدعية فيها خلط وأحياناً آخرها ينقض أولها.
رابعاً: لابد أن يكون الدعاء من قلب مخلص ومنكسر بين يدي الله مهما كان قصيراً، كما قال تعالى عن نبي من الأنبياء عليهم السلام «ربِ اغفر لي فغفر له».
خامساً: الحذر من الاعتداء في الدعاء ومنه الدعاء في الإثم وقطيعة الرحم أو ما لا يجوز له، وفي الحديث «ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بإحدى ثلاث:
«إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك»، ومن الاعتداء التفصيل العجيب لا ينبغي، وفي الحديث «أنّ عبدَاللَّهِ بنَ مُغفَّلٍ، سمعَ ابنَهُ يقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ القَصرَ الأبيضَ، عن يمينِ الجنَّةِ إذا دخلتُها، فقالَ: أي بُنَيَّ، سلِ اللَّهَ الجنَّةَ، وتعوَّذ بِهِ منَ النَّارِ، فإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: إنَّهُ سيَكونُ في هذِهِ الأمَّةِ قومٌ يَعتدونَ في الطَّهورِ والدُّعاءِ».
سادسًا: أرى أنه لا يليق إرسال بعض الأدعية بصيغة المذكر للمرأة والعكس صحيح.
سابعًا: أفضل الدعاء للنّاس ما كان في ظهر الغيب وإن كان الدعاء لصاحبك أو صديق أو زميلك... طيب، ولكن بظهر الغيب أصدق وأطيب، والملَك يقول: ولك مثله.
ثامناً: الدعاء لابد فيه من الصدق كما روي في الحديث «ادعوا اللهَ وأنتم موقنونَ بالإجابةِ، ولا يَسْتجيبُ مِن قلبٍ لاهٍ».
تاسعاً: الاضطرار في الدعاء سر الإجابة، فالقلب المضطر ينعم الله عليه بالإجابة ولو لم يكن مسلماً كما قال تعالى: «أمّن يجيب المضطر إذا دعاه».
عاشراً: الدعاء عبادة قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي»، وفي الحديث: «الدعاء هو العبادة»، فلنقدر للدعاء قدره.