(كلما حسن الأداء.. زاد التحدي.. وكلما زاد الطموح.. زاد المتوقع).. بهذه العبارات التحفيزية افتتح معالي وزير الحج والعمرة الأسبق الدكتور فؤاد الفارسي حفل توقيع اتفاقية (مبنى الأهلة)، مساء السبت 20 رمضان لعام 1429هـ، حيث كانت ليلة تاريخية لمؤسسة جنوب آسيا التي تعتبر في تلك الفترة في أوج مجدها، بما توفَّر لها من قيادة وكوادر بشرية كان هاجسها وحلمها الاستثمار، وتنمية موارد مالية مستدامة للارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن أولاً، ثم للنهوض بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي لجميع منسوبي المؤسسة من مساهمين ومساهمات، وهو ثمرة من ثمرات قيادتنا الرشيدة التي تدعم كل ما يرتبط بخدمة الحج، الذي هو الواجهة الحضارية للدولة.
وقد بدأت فكرة الاستثمار منذ تدشين مبنى المؤسسة الإداري، والذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز – رحمه الله - أمير منطقة مكة المكرمة آنذاك يوم الثلاثاء 29 /11 /1422هـ. وقد ساهمت جهود رئيس وأعضاء مجلس الإدارة مع معالي وزير الحج والعمرة السيد إياد مدني في الاستفادة من احتياطات المؤسسة، والتي كانت متراكمة لدى مؤسسة النقد، فتم شراء الأرض في عام 1426هـ. ثم جاء عهد معالي وزير الحج والعمرة د. فؤاد الفارسي ليصبح الحلم حقيقة، ويتم ترسية المشروع إلى إحدى كبرى الشركات العالمية.
وبناء على (اللجنة الاستثمارية) المشكَّلة من بعض أعضاء مجلس الإدارة - والذي كان أحدهم مهندساً موجوداً حتى آخر دورة في المؤسسة - تم دراسة المشروع مع شركة متخصصة، وهي شركة وطنية بمميزات عالمية، (بيت العرب للتطوير العقاري)، حيث تمت دراسة الجدوى الاقتصادية من حيث النواحي الاجتماعية والاقتصادية لمكة، كما تم عمل دراسة ميدانية على شريحة من السكان وما تحتاجه المدينة، وخلصت الجهة المكلَّفة إلى قيام (مشروع الأهلة) الذي استوحى من الآية القرآنية الكريمة: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ..)، فأصبح المشروع عبارة عن مركز تجاري ترفيهي يضم معارض، ومطاعم، ومكاتب تجارية، وقاعة أفراح، وصالات رياضية، وقد تم التعاقد مع شركة تسويق لإدارة المنشأة والاستثمار بها.
كما جاءت روعة التصميم، مما جعله معلماً بارزاً في مكة، وفي أحد أهم شوارعها الموصلة إلى المنطقة المركزية والحرم المكي من ناحية الشمالية، وهو الآن أقرب ما يكون إلى طريق الملك عبدالعزيز (مسار)، والذي سيشهد نقلة نوعية في خدمات السكن، والنقل، والضيافة للحجاج والمعتمرين، وهذه ميزة مهمة للاستثمار في المبنى؛ وتم تنفيذ 75% من المشروع حتى عام 1433هـ. ولكن بتغير الظروف الإدارية بتغير مجلس الإدارة، وبالرغم من اكتماله في عام 1435هـ وعمل حفل تدشين له للترويج للانتخابات.. إلا أن المجلس الجديد لم يستطع إدارة واستثمار المبنى.. بل مُني بخسائر كبيرة حتى إنه رُفضت القوائم المالية والتصديق على الميزانية في عام 1437هـ، حيث بلغت الخسائر أكثر من 14 مليون ريال، وللأسف تعيد الوزارة الميزانية لإعادة التصويت عليها؟!.. واستمرت سلسلة الخسائر.
ولكن نحن الآن وبعد التحول إلى شركة مساهمة بالتوقيع بالاستلام والتسليم مساء الأحد 27 /6 /1443هـ نأمل الاستفادة من أخطاء الماضي، ودراسة أسباب العجز ووضع الحلول اللازمة للاستفادة القصوى منه، وتحقيق التنمية المستدامة. بل إن يتعدَّى ذلك للحوكمة، والشفافية، والإفصاح، والمساءلة، والرقابة. وعلى المجلس الجديد في الشركة - والذي معظمه من كفاءات في الاقتصاد والإدارة - بأن يضطَّلع بواجباته ومسؤولياته تجاه حسن اختيار الأعضاء في اللجان؛ لجنة الترشيحات والتعويضات، ولجنة المراجعة، ولجنة الاستثمار؛ والذي يفترض أن يكون أحد أعضاء كل لجنة - على الأقل - من غير أعضاء مجلس الإدارة، كما جاء في اللائحة التنفيذية المادة الثامنة الفقرة (7). بل إن تكون هناك لجنة لإدارة المخاطر، وتكون ضمن لجنة المراجعة الداخلية. وأما لجنة الحوكمة فيفترض أن يكون جميع أعضائها من غير أعضاء المجلس، لمراعاة سياسة عدم تعارض المصالح.
كما نتمنى إعطاء الأولوية في الاستثمارات للمساهمين في الشركة، فمثلاً خُطِّط للمبنى أن يحتوي على مساحات للألعاب الرياضية: البولينج، والبلياردو، والتنس.. وهي عناصر جذب في الترفيه والرياضة تستقطب الشباب، وتُحقِّق موارد استثمارية عالية، وكذلك الحال في المطاعم، والمكاتب، ومحلات الماركات العالمية.. حتماً ستنتظر على الأقل عاماً آخر للإجابة عن أسئلة المساهمين (عن الأهلة)..
نسأل الله للمجلس الجديد كل توفيق وسداد؛ لتحقيق الطموحات والآمال.