بيّنتُ في مقالات سابقة خطورة التواجد الإيراني في ليبيا وتونس والمغرب والجزائر والسودان والقرن الإفريقي الذي يهدف إلى إيجاد خلايا شيعية من مواطني تلك البلاد تخدم مخططات إيران من خلال تحويل السنة إلى شيعة تحت مظلتي التعاون السياحي والثقافي، ولم تكتف إيران بهذه الدول؛ إذ نجدها امتدت إلى غرب إفريقيا وشرقها شاملًا القرن الإفريقي، فقد نقل موقع «عصر إيران» عن موقع «شيعة نيوز» أنَّ عدد الشيعة في غرب إفريقيا نحو 7 ملايين شخص، في ظل تغلغل إيراني بهدف بسط نفوذها في تلك البلاد، ليكون ولاء مَن تشيَّعوا للولي الفقيه، وليس لأوطانهم، فيُنفّذون أوامر الخميني على حساب أوطانهم من خلال تسليحها لهم؛ لزعزعة الاستقرار في بلادهم.
وعندما نذهب إلى إفريقيا نجد أنَّ محمد دار الحكمة، وهو من رجال الدين الشيعة في غينيا، قال: إنّ التوجه نحو التشيع في تنامٍ مطرد في دول غرب إفريقيا، وكشف عن إتمام تأسيس «مجمع شباب أهل البيت» بغينيا، من جهة أخرى، أعلن زعيم الشيعة في جزر القُمر محمود عبدالله إبراهيم أنّ التوجه نحو تحويل السنة إلى شيعة آخذ في التنامي بعدما تحول هو نفسه إلى العقيدة الشيعية 2004، وجاء في موقع «عصر إيران» أنّ محمود عبدالله إبراهيم التقى مسؤولي الحوزة العلمية في قُم وأعطى شرحًا عن وضع الشيعة في جزر القُمر، موضحًا: «في عام 2006 عندما بدأنا التبليغ للتشيع لم يكن حتى شخص واحد ينتمي إلى التشيع، لكن الآن هناك أكثر من 100 شخص أصبحوا شيعة».
وكانت إيران قد سعت خلال الـ17 سنة الماضية إلى تعزيز وجودها في غرب إفريقيا، مما يسهّل نقل المذهب الشيعي وبناء الحوزات العلمية والمراكز الثقافية.. ومن البلاد التي تربط إيران بعلاقات قوية؛ السنغال، التي استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران عام 1990 خلال رئاسة رفسنجاني، فتطورت العلاقات بين البلدين، الذي امتد إلى نفوذ اقتصادي إيراني مع توسع النفوذ الشيعي، حيث بنى الإيرانيون حوزة علمية في قلب العاصمة داكار، تسمى حوزة الرسول الأعظم، ووفقًا لمصادر عدة فإنّه يوجد الكثير من الجمعيات الشيعية الناشطة في السنغال، ويعمل بعضها في المجال الاجتماعي كمساعدة الأهالي وبناء المدارس والمستوصفات.. ويبلغ عدد السكان في السنغال نحو 12 مليون نسمة، بينهم 5% من السكان (نصف مليون) شيعي.. وفي مالي، وهي دولة سنية بالأساس، بلغ فيها الشيعة حوالى 1% من السكان، حيث يبلغ عدد السنة 12 مليون شخص، بينما الشيعة 120 ألفًا.. أما غينيا بيساو فقد بلغ عدد المسلمين فيها 680 ألف نسمة، بينهم أقل من 6800 شيعي.. بينما أعداد الشيعة في زامبيا تتراوح بين 1و2%.. وفي نيجيريا اتخذت الحكومة عام 2019 قرارًا بحظر الحركة الإسلامية في نيجيريا، التي توصف بأنّها جماعة شيعية موالية لإيران، واتهمت الحكومة الحركة بأنّها «عدوة للدولة»، ويُخشى أن تتحوّل نيجيريا الدولة الغنية بالنفط إلى ساحة صراع بين السنة والشيعة، وقد أُسِّست الحركة منذ أربعة عقود، وتنادي بتأسيس دولة إسلامية على النمط الإيراني في نيجيريا، وظل الخميني مثلًا أعلى للحركة، يُقْسِم أفرادها على الولاء له أولًا، ثم لقائد الجماعة إبراهيم زكزاكي، المعتقل منذ عام 2015م.. ولم يقتصر التواجد الإيراني في غرب وشرق إفريقيا، وإنّما امتد إلى اتحاد جنوب إفريقيا من خلال ليسوتو، والدول الإفريقية الصغيرة.
وهكذا نجد الخمينيين قد نهجوا نهج الصفويين في تحويل السنة إلى شيعة، فقد حدثت عملية تحويل الصفويين لإيران من المذهب السني إلى الشيعي خلال القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر وتحولت فيها إيران (بلاد فارس)، إلى المذهب الشيعي، بعد أن كان لها سابقًا أغلبية سنية، وقد تضمَّن التحويل القسري عداءً مع جيران إيران السنة، ولاسيما الإمبراطورية العثمانية، كما كفل التحول هيمنة الطائفة الاثني عشرية داخل الشيعة على الزيدية وطوائف الإسماعيلية، كما حوّل الصفويون الجدد (الاثني عشرية) الحوثيين الزيدية إلى مذهبهم الاثني عشري، وقد أعاد الصفويون توحيد إيران كدولة مستقلة عام 1501 وأعلنوا التشيع الاثني عشري كمذهب رسمي لإمبراطوريتهم، ممّا مثَّل إحدى أهم نقاط التحول في تاريخ الإسلام، وامتد التحويل إلى أذربيجان؛ إذ تأتي نسبة الشيعة فيها في المرتبة الثانية بعد إيران.
إذًا مخطط الصفويين الجدد هو تغيير التركيبة السكانية في العالم السني، بتحويل السنّة إلى شيعة اثنى عشرية، وتكوين مليشيات مسلحة منهم تعمل على إشاعة الفوضى في بلادهم ليبسط الصفويون الجدد نفوذهم عليها لتكون لهم الزعامة على العالم الإسلامي.. والملاحظ، غياب الدول السنية عن القارة السمراء، وترك الصفويين الجُدد يصولون ويجولون فيها، كما غابوا من قبل عن عملية التحويل التي قام بها الصفويون القدامى.