من أدب الرحلات..

مدينة لندن العاصمة البريطانية، المدينة التي يتحرك في شوارعها أبناء الكرة الأرضية من جميع المِلل والنِحَل.. كنت مدعوًا عند أحد الأصدقاء القدامى في جامعة ويلز (منصور) على جلسة شاهي -بعد الظهر-، يحمل الجنسية السودانية ويمتاز بطول القامة وكان شريكه في السكن من نفس الجنسية في تلك الفترة (الحاج) ويمتاز بقصر القامة، فكنت عندما أقابلهم معاً أقول لهما مرحباً أهلاً بالرقم (10) وعندها نتبادل الضحكات، حصل (منصور) على الدكتوراة في الاقتصاد وكنت قد ذكرت بعض مواقفه في كتابي بعنوان (سنوات الدال)، عمل في أحد الشركات المتخصصة في إدارة الأموال وحصل على الجنسية وبعد التقاعد استقر في مدينة لندن ويسكن في الضاحية الشمالية من المدينة.

الملفت أنه بالرغم من تجاوز عدد سكان هذه المدينة الثمانية ملايين ونصف إلا أن المواصلات تسير بسلاسة في شوارعها ويمكن للفرد أن ينتقل من شرق المدينة لغربها وبالعكس في مدة قصيرة وبمبلغ لا يزيد عن الخمسة جنيهات، بفضل شبكة الطرق الواقعة أسفل المدينة والتي تعتبر ثاني شبكة طرق أقيمت في قارة أوروبا بعد شبكة مترو باريس والتي أنشأتها شركة (مترو) قبل أكثر من قرن ونصف، وبذلك أصبح اسم (مترو) يدل على شبكة المواصلات تحت الأرض.

المهم نزولاً عند رغبة الصديق العزيز استعدت لياقتي في استعمال المواصلات تحت الأرض بعد أن زودني بعنوان إقامته، من محطة (ويست منستر)، 10 دقائق وأنا أمام السكن، والمفاجأة أنه يقع تماماً أمام (برج ستيوارت) سيء الذكر في منطقة (مايدا فالي) غرب لندن.. البرج الذي اشتهر بوقوع بعض الجرائم الغامضة فيه، ومن أشهرها حادثة سقوط الممثلة المصرية سعاد حسني، وكذلك حادثة الفريق الليثي ناصف مؤسس الحرس الجمهوري المصري.

كان كريماً ومسروراً لتلبية دعوته على الرغم من ضيق الوقت.. أثناء الحديث تطرقنا للحياة تحت الجائحة وأثرها على الاقتصاد وذكر نوعية الدعم الذي قدمته الحكومة البريطانية للشركات الناشئة والوظائف التي تأثرت من الحظر كعمال المطاعم والمقاهي وذلك بتحمل جزء كبير من الراتب مع تخفيض الضرائب على أصحاب المحلات مع وعد بزيادتها بالتدريج بعد انتهاء الجائحة.. أدى ذلك لعدم تسبب أي مشكلات بين هذه الشريحة من الموظفين واستمرار العمل في الوقت الحاضر بوتيرة متصاعدة وبطريقة سلسة.

وبهذا -والكلام للصديق- تجنبت المدينة حدوث أي مشاكل أو سرقات أو جرائم سطو قد تكلف الدولة أضعاف ما قدمته من مبادرات ودعم لهذه الشريحة من الموظفين.. بعدها استأذنت بالمغادرة مع أمل اللقاء في قادم الأيام.