* كان يلعب الكرة بمهارة عالية، ويشعر في نفسه أنه مقارنة بمن معه الأفضل والأميز، ولكنه اعتاد على أن يُصدم بذهاب الإشادة إلى الأقل منه مهارة، ربما لأنه غير محظوظ في أن يسمع ثناء يدفعه نحو المزيد من التميز أو لربما أنه يعيش في بيئة متشبعة (بالحسد) والغيرة أو لأن أقرباءه الذين يشاهدون تميزه، وكان ينتظر منهم الدعم، ولو بكلمة كانوا يتمثلون (بامتياز) الماركة الأصلية لتلك البيئة (المحبطة). * فمن أكبر ما يُصدم به المرء في الشأن الاجتماعي، هو تخلي القريب عن قريبه، في وقت هو أحوج ما يكون إليه، والحاجة ليست بالضرورة أن تكون في وقت الأزمات، بل أنها تشمل كل الأوقات، ثناء على تميز، ومد يد العون عند تعثر، ولعل أبلغ توصيف لذلك وصفهم بـ(لباس الجنب)، واللباس بقدر ما يستر الداخل، فإنه يُجمل الخارج، ولعل حرص والد العروس -على سبيل المثال- على تكثير سواد الحاضرين معه، ما يؤكد على تلك الدلالات التي أقصدها من حيث حاجة الإنسان إلى من يقف بجانبه، ويدعم حضوره، ويرفع أسهمه في أفراحه، كما هو حاجته إلى ذلك في أتراحه. * وفي إسقاط تلك النظرة على مقاعد الدراسة، أستحضر بكاء أحد التلاميذ بمرارة، وعدم استجابته لكل محاولات (تطييب) الخاطر، وعند التقصي عن سبب كل ذلك (الانكسار)، كانت الصدمة أنه جاء كتعبير عن استغراب كبير، وهو (الأول) بين زملائه، وكيف أنه (زُحزح) عن مكان جدارته في التكريم؛ لتذهب الجائزة (محاباة) إلى من هو أقل منه، وهي محاباة تأتي عادة لاعتبارات كثيرة أثق أنك عزيزي القارئ تدرك ما أعنيه بذلك تمامًا، ولكنها في الواقع تكون (قاتلة) للطموح بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وما من سبب إلا لأن (الدعم) الذي يحتاجه ذلك التلميذ المتميز انحرفت بوصلته إلى حيث اعتبارات أخرى، لم يكن في حسبانها مراعاة لشعور (جدير) يرى أنه سلب حقه (الواجب) من التقدير.
* وفي ذات الشأن، وبما يمثل (مفاجأة) هو تبني البعض فكرة أن (فلان) من الناس مشهور ومعروف، وبناء على ذلك فهو ليس في حاجة إلى (الدعم)، فتجدهم (بخلاء) في أن يسمع منهم (ثناء) أو مرور على مناسبة (يعجبه) أنه يسمع منهم (مبروك)، يتجاهلون عطاءه، وتميزه، ولا يقدرون (مكانته) إلا عند حاجتهم له، هم يقرون في أنفسهم أنه (قامة، وقيمة)، ولكنهم بسبب تلك القناعة (الخطأ) يقفزون على حقيقة أن النفس البشرية (جُبلت على حب الثناء)، وأنه لا أحد يُستثنى من تلك الحاجة (الدعم)، من إشادة محفزة، وكلمة (طيبة)، فذلك المتميز والمشهور هو في النهاية إنسان، مهما بلغ في شأنه المادي إلا أنه لا يمكن أن يعيش في (معزل) عن مشاعره، وحاجاته (المعنوية)، التي يتقاطع فيها مع كل الناس، ومنها حب الإشادة، والثناء.
* هي في النهاية كلمات، ومواقف (داعمة)، يحتاجها كل الناس، إلا أنها تعني الكثير عندما تكون من دوائر المرء (الضيقة)، في وقت يُحمد للكثير ممن لا يرتبطون به بمعرفة شخصية، ومع ذلك يجد منهم كل (تثمين) لعطائه، وكل تقدير لتميزه، يُعبرون عن ذلك (بكلمات)، ولكنها تعني له الكثير بالحد الذي يجعله يواصل المسير، متجاوزاً كل عقبات الإحباط، والخذلان، وبين هذا وذاك سطوة زمن لم يبق فيه لكل صاحب حضور مفيد إلا أن (يتوسل الدعم)، الذي انحرفت ساقيته -بكل أسف- إلى حيث المفلس من المشاهير.. وعلمي وسلامتكم.