خصصت الأمم المتحدة الثاني من إبريل يومًا عالميًا للتوحد، وذلك لإصابة عشرات الملايين به، واعتباره أزمة صحية عالمية متنامية. فالتوحد هو اضطراب في النمو العصبي للإنسان، يؤثر على تطور وظائف العقل في ثلاثة مجالات أساسية: التواصل واللغة والمهارات الاجتماعية والقدرة على التخيل لأسباب وراثية وبيئية طبيعية.. وتظهر الأعراض في عمر مبكر من حياة الطفل في مرحلة السنة، والسنة والنصف، وتصبح هناك صعوبة في التواصل مع الآخرين، والذي من المفترض أن يبدأ من عمر ستة أشهر إلى سنة ونصف، وأي تأخُّر في ذلك؛ سيؤدي إلى تأخُّر في الكلام والإدراك (قصور إدراكي)، فالتدخل والكشف المبكر على أطفال التوحد؛ يسهم في حل مشكلة التوحد التي تواجه الأسرة. وتعد المدرسة أفضل بيئة لتطوير طفل التوحد مع تكييف المنهج الأكاديمي بما يتلاءم مع قدرات الطفل التوحدي. (د. تركي البطي، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين والمتخصص في الاضطرابات النمائية والتوحد - التشخيص والتدخل، ومدير مركز عبداللطيف الفوزان للتوحد بالخبر). ولا تقتصر أسباب التوحد على الأسباب الوراثية والبيئية والطبيعية فقط، فهناك عوامل أخرى، كتعرُّض الحامل لعنف أسرى، وإساءة لشعورها أو إحساسها أثناء الحمل، وتدخل بموجبه في حالة كآبة وحزن وألم نفسي؛ قد يحرم الطفل من بعض الأنزيمات المغذية التي تنعكس على الجنين بالتوحُّد، فيما يرى البعض من المتخصصين بأنّ التوحد نتيجة حتمية لبعض العوامل المساندة أثناء الحمل مثل «التدخين، وشرب المسكِّرات، وتناول أدوية بدون وصفة طبية، وبعض التطعيمات الثلاثية التي تؤخذ مرة واحدة. وهناك إعاقات يكون سببها طريقة التوليد أو نقص الأكسجين في المستشفيات، وأحيانًا تكون هناك مشاكل في القوقعة تحرم الرضيع من التواصل.. وللوقاية من الإصابة بمرض التوحد أوصى الدكتور واصف كابلي بمركز نداء الأمل لذوي الاعاقة بجدة، خلال مشاركته في ديوانية الأطباء في لقائها الـ 59 بعنوان: (التوحد والتدخل الوقائي المبكر للإعاقة) بالآتي: 1- عمل بحث مجتمعي يشرف عليه عدد من الأطباء في الجامعات ومراكز البحث العلمي، بهدف التحقق من سبب مرض التوحد أثناء الحمل، وقد نتمكن من معرفة السبب ونوع الإفرازات، التي لم تُفْرَز أثناء الحالة النفسية والاجتماعية، والتي قد تكون سبب في التوحد، ثم نتوصل للحقن التي تُعوِّض هذا النقص الذي سبَّب التوحد، وتعطى في الأشهر الأولى بعد الوضع. 2- تطوير المهارات المهنية والرياضية والاجتماعية والحياتية لمرضى التوحد.. لمن تجاوز سنهم 12 عامًا. وأُضيف إلى هاتيْن التوصيتيْن الهامتيْن التوصيات التالية: 1- مراعاة الصحة النفسية والغذائية للحامل، لتجنب إصابة جنينها بالتوحد الذي تُحدثه الإفرازات الناجمة عن تعرضها لعنف نفسي أو اجتماعي أو بدني، ممّا يُسبِّب لها الألم النفسي والحزن والكآبة، الذي قد يحرم الجنين من بعض الأنزيمات المغذية، التي تنعكس عليه بالتوحد. 2- إقلاع الحامل عن التدخين، وتعاطي المخدرات وشرب المُسكِّرات، وتناول أدوية ولقاحات بدون طبيب. 3- التدخل والكشف المُبكِّريْن على أطفال التوحد يسهم في حل مشكلة التوحد التي تُواجه الأسرة، والتي تظهر أعراضه في عمر ستة أشهر، إلى سنة ونصف، والتأخر في علاجه يؤدي إلى تأخُّر في الكلام والإدراك. 4- لابد من وجود مختص يتابع مريض التوحد في مختلف مراحله العمرية، تساعده على اجتياز العقبات التي تُواجهه، ومساعدته على كيفية التعامل والتعايش معها، إن كانت من النوع الدائم أو شبه الدائم، ويُحبّذ متابعة أحد المراكز المتخصصة للتوحديين. 5- تنظيم دورات تدريبية للوالدين ولباقي أفراد أسرة مريض التوحد على كيفية التعامل مع طفلهم، واكتشاف قدراته وتنميتها وتوجيهها الوجهة الصحيحة، ونوعية الغذاء الذي يساعده على التواصل مع الآخرين، والتحدث بطلاقة دون خوف وارتباك. 6- الإكثار من مراكز التوحد؛ إذ يوجد حاليًا حوالى خمسة مراكز للتوحد في المملكة، وعدد متواضع من المراكز الصغيرة غير المتخصصة، والتي تهتم بالتربية الفكرية أكثر من التوحد وفرط الحركة، مقابل حوالى 400 ألف طفل وطفلة من التوحديين ينتظرون إنشاء مراكز متخصصة وكافية لهم. 7- توعية المجتمع باحترام مرضى التوحد وحفظ حقوقهم، وكيفية التعامل معهم بعيدًا عن السخرية والتنّمر بهم. 8- إصدار القوانين والأنظمة التي تحفظ حقوق التوحديين، ومنحهم فرص العمل والاندماج في المجتمع والتواصل مع الناس. وبهذا نستطيع التقليل من نسبة الإصابة بالتوحد الآخذة في الزيادة نتيجة العوامل النفسية والاجتماعية؛ إذ أظهرت الدراسات الحديثة العالمية تزايد نسبة الإصابة باضطراب طيف التوحد بشكلٍ مطرد خلال الـ 15عامًا الماضية، فزاد العدد من 1 لكل 166 طفل في عام 2004، ليصل إلى 1 لكل 54 طفلا خلال العام 2019، وحسب دراسة أُجريت حديثًا فإن نسبة الأطفال المصابين بالتوحد في المملكة 1/ لكل 45 طفلا، أي نسبة الإصابة 1.5- 2%، وهي قريبة من النسبة العالمية.