* يمكن القول إننا نعيش عصر «اقتصاد المهارة»، فكلما كنتَ مميَّزاً في مهاراتك الشخصية والمهنية، زادت فرصك في التوظيف وفي النجاح والترقي والصعود.. لقد انتهى ذلك العصر الذي كان فيه النجاح يعني أن تُكرِّر ما يفعله الآخرون.. بالذهاب للمدرسة، والحصول على درجات جيدة، ثم الحصول على وظيفة تقليدية تقضي بها بقية حياتك، لقد أراد آباؤنا ومعلمونا أن نكون بأمان، لذلك حثّونا على فعل ما يفعله الآخرون!. لكن هذا لم يعد مجدياً اليوم.. فالكثير من هؤلاء المتشابهون لم يعد باستطاعتهم الوصول للتخصصات التي يُحبّونها، ويضطر معظمهم لقضاء بقية عمره في وظيفة يكرهها.
* لا يمكنك الحصول على تعليم تقليدي عادي، ثم تتوقع أن تعيش حياة غير عادية.. لزيادة جودة حياتك، من المهم الخروج من تلك الأنماط التعليمية القديمة، للحصول على مميزات مالية ووظيفية جيدة، وهذا يتطلب أن لا تكتفي بالتعليم النظامي، بل تحاول تعلُّم مهارات تُميّزك عن نظرائك.. اعرف أن هذا لن يكون أمراً سهلاً، لكن قضاء حياتك في وظيفة لا تحبها أمر أصعب وأقسى بالتأكيد.
* المهارات المطلوبة كثيرة ومتغيرة باستمرار، ولا يمكن حصرها في مقال.. لكنني سأُحدِّثكم اليوم عن مهارتين شخصيتين هامتين، ربما تبدوان للكثيرين بسيطتان وسهلتان، لكنهما سيُميّزانك عن أقرانك بكل تأكيد، وسيجعلانك نجماً مطلوباً، ومُقدَّراً في أي بيئة عمل تنتمي لها.
* أول هذه المهارات هي (الكتابة)، وهي مهارة تحيط أصحابها بتقدير واهتمام كبيرين.. فكل الأعمال تقريباً بحاجة إلى أشخاص يُجيدون صناعة الكلمات، واتقانك لهذا الفن لا يُمكنّك فقط من زيادة تأثيرك، والتواصل بشكل أفضل مع معظم الأشخاص -سواء كانوا عملاء أو رؤساء أو حتى زملاء- بل يُساعدك أيضاً على تنظيم أفكارك، والوصول إلى أهدافك بأقصر الطرق.
المشكلة أن الكثيرين يعتقدون أنهم يستطيعون الكتابة بسهولة، وهذا اعتقاد غير دقيق بالطبع، فمن يملكون هذه المهارة قلة، وهذه الندرة تزيد من الطلب على الأشخاص البارعين في الكتابة.
* إذا كنتَ تتساءل الآن: كيف يمكنني تعلُّم الكتابة المحترفة، فسأُهديك النصيحتين الأكثر فعالية، والتي أُقدِّمها دائماً لكل مَن يسألني هذا السؤال، وهي: (اقرأ، اقرأ، اقرأ ثم اكتب)، فلكي تكتب صفحة، عليك قراءة عشر صفحات، بل عشرين وثلاثين، ذلك أن الكتابة هي الوجه الآخر للقراءة، لا أقصد القراءة السطحية، أو القراءة لطلب النوم بكل تأكيد، بل القراءة المتعمِّقة والمترابطة، التي ترفع من ذخيرتك اللغوية والثقافية، وتُنمِّي عضلاتك الكتابية، مما سيجعل أمر الكتابة أكثر سهولة عليك.
* النصيحة الثانية هي البساطة وعدم التكلُّف.. فكُلَّما كنتَ سهلاً بسيطاً واضحاً في أسلوبك، زادت كتاباتك بلاغةً وجمالاً ونفاذاً في العقول.. لا تتعجَّب ففي عالم يُحاول فيه معظم الناس أن يظهروا أكثر ذكاءً وتعقيداً، تُعدّ البساطة هي القوة الحقيقية، فالجميع مشغولون، ولا أحد يريد قراءة ما تكتب مرتين، لأنه لم يفهم وجهة نظرك، أو لأنك لم تستطع إيصال فكرتك إليه.. البلاغة هي السهولة والانسيابية، الكل يُريد لغة سهلة، ونصوصاً مفهومة، لذلك كُلَّما كتبتَ شيئًا اسأل نفسك: هل يمكنني تبسيطه أكثر؟.
* أخيراً.. كُن على يقين أنك لكي تُصبح كاتبًا جيداً، فهذا لا يتعلق بالكتابة نفسها بقدر ما يتعلق بالصدق مع نفسك أولاً، ثم بمقدار ما تمتلكه من ثقافة واطلاع دائم، وما تستند عليه من قراءات وذخائر لغوية ومعلوماتية.
* انتهت مساحتي اليوم، الأربعاء القادم أُحدِّثكم عن المهارة الشخصية الثانية التي ستجعلك جاذباً للتوظيف بشكل أكبر.