.. بدءًا أهنئكم بحلول شهر القرآن، وأقول لكم ما قاله لي ذلك المغرد الجميل: أقر الله أعينكم بلذة الأسحار، وصحبة الأخيار، وجنة الأبرار، وكل عام وأنتم في خير مدرار...
*****
.. ثم السؤال:
من الذي حكم على المجتمع ليكون ليله نهاره ونهاره ليله؟ هل هي عادة؟ أم ثقافة؟ وما الذي يجعلنا نصر على الاستمرار فيها رغم كل سلبياتها العقدية والعملية والصحية؟!
اتساءل وأنا أتابع كل هذا (الكم) من حالات التشكي من الدراسة في رمضان..؟
*****
.. ذات مرة زارنا في جريدة الندوة وزير التعليم سابقًا الدكتور محمد أحمد الرشيد -رحمه الله-، وكان يومها للتو بدأت عملية الدراسة في رمضان، وحدث لغط كبير بسبب ذلك.
سألناه: لماذا الدراسة في رمضان؟ المجتمع كله اعتاد يسهر ليلاً وينام نهارًا؟
وأسقط في يدينا إجابته بتساؤل آخر: من الذي يجب أن يغير في الآخر ويؤثر فيه المجتمع أم التعليم؟!!
*****
.. مضى الرشيد، ومضت الدراسة في رمضان، ومع ذلك لازالت الشكوى والضجر والمطالبات تتكرر في كل عام..
اتدرون لماذا؟ لأننا نحمل مفهومًا خاطئًا عن رمضان وعن العمل في رمضان، وعن العملية التعليمية ذاتها، وحتى عن دورنا نحن كمؤثر ومتأثر..!!
*****
.. كل الدراسات تؤكد أن سهر الليل ونوم النهار تُحدث خللاً كبيرًا في الساعة البيولوجية عند الإنسان، وهي المسؤولة عن إدارة كل العمليات الحيوية داخل أجسامنا، وينتج عن ذلك أضرار صحية من نتائجها الكسل والخمول.
ولعل صورة ذلك الموظف «المجطول» خلف المكاتب أو ذلك «المتلطم» المتثائب الذي يكلمك بكلمات متقاطعة من وراء خشمه، أو ذلك الطالب النائم على مقعد الدراسة لازالت حاضرة في أذهاننا، وكلها تكرس للصورة النمطية السلبية عنا في شهر رمضان..!!
*****
.. فهل كل هذه المشاهد السلبية التي ارتبطت في أذهاننا عن رمضان تمثل حقيقة رمضان؟
قطعًا (لا) وهي عادة سيئة دخيلة علينا، وتظل المشكلة وتتعقد أكثر حين نستسلم لهذه العادة ونغرق فيها ونجعلها تتحكم في نظام حياتنا، وإذا ما تساءل أحدنا سؤالاً تبريرًا: كيف نغيرها والركب كله بهذا النفير؟
فهنا نعود إلى عملية: من يغير في الآخر ويؤثر فيه؟ ولكن ليس التعليم وحده وإنما الفرد أيضًا يتحمل ذات المسؤولية، والمجتمع في النهاية هو أنا وأنت وهو وهي..
لا تنتظرون عصا سحرية ستغمض أعين المجتمع بهشة واحدة، ولا تتوقعون أن الدولة ستصدر مرسومًا ملكيًا بأن على المجتمع أن ينام الساعة 12 ليلا مثلا.. هي تسن النظام وعليك أنت التكيف معه...!!
*****
.. ما عليكم أن تعرفوه قبل أن تتوقعوه، هو أنه من الظلم بمكان أن يرمي ذلك الطفل الصغير رأسه فوق مقعده ولا يستطيع رفعه، ناهيكم عن حضوره الذهني واستيعابه.. وأن المسؤولية تقع عليك أيها الأب بالدرجة الأولى قبل المدرسة.. وما عليكم أن تتأكدوا منه بعد ذلك أن التغيير في البيوت سيكون الطريق إلى التغيير في المجتمع..!!