أرقام مفجعة ومخيفة رصدها البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر في الغذاء، أوضحت أن قيمة الهدر الغذائي في المملكة وصل في السنين الأخيرة إلى 40 مليار ريال سنوياً، عبارة عن بقايا طعام صالحة للاستهلاك الآدمي تُرمَّى في مكبّات القمامة، بسبب عدم الترشيد، وإعداد كميات من الطعام تزيد على الحاجة الفعلية للعائلات.
وأشار مدير البرنامج «زيد الشبانات» في حديث لقناة الإخبارية خلال الأيام الماضية، إلى أن الأرز يأتي في مقدمة السلع التي تتعرض للهدر بنسبة 40%، ويليه القمح بنسبة 25%، مؤكداً أهمية زيادة الوعي بين المواطنين لتقليل هذا الهدر، الذي يضيع بسبب عادات خاطئة لا زال كثير من الأسر يتمسك بها. وفي تقرير مُشابه، أكَّدت منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)، أن ما يقرب من ثلث الغذاء العالمي يتعرَّض للهدر سنوياً، وهو ما تُعادل قيمته نحو تريليون دولار أمريكي، وتُقدّر كمية هدر الطعام في دول الاتحاد الأوروبي بنحو 89 مليون طن سنوياً، وفي الولايات المتحدة بنحو 60 مليون طن، وأن السعودية تحتل المرتبة الأولى عالمياً في الهدر الغذائي بما يعادل 13.3 مليار دولار سنوياً، وأن هذا المبلغ يفوق الناتج المحلي الإجمالي لكل من الصومال وجيبوتي وموريتانيا مجتمعة، حيث يصل معدل الهدر إلى 250 كيلوجراماً للفرد الواحد.
مما يُؤسَف له أن هذه العادة الضارة - التي تتنافى مع تقاليد الدين الإسلامي، الذي يدعو للترشيد في النفقة، والتوسط في كل شيء - تتزايد بصورة ملحوظة خلال شهر رمضان المبارك، الذي جعله الله تعالى فرصة لنا كي نستذكر إخوتنا الفقراء، الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، لكننا حوَّلناه إلى موسم للتبذير والإسراف، حيث تمتلئ موائدنا يومياً بما لذَّ وطاب من أصناف الطعام التي لا نتناول نصفها، ومن ثم نضطر إلى إلقاء المتبقي في حاويات القمامة، وللأسف الشديد فإن هذه الممارسة تتكرر يومياً دون أن نتعلم من أخطائنا، وكأننا نُصر على ارتكاب هذه المعصية.
كذلك تبدو هذه العادة السيئة واضحة أمام قاعات الأفراح خلال المناسبات الاجتماعية، فالكثير من أصحاب تلك القاعات والعاملين فيها يُؤكِّدون أن كميات الطعام التي تتبقَّى بعد انتهاء المناسبات تفوق التي تناولها المدعوون، ورغم أنهم يقومون بتقديم النصح لعملائهم عند سؤالهم عن كميات الطعام التي يريدون تجهيزها، وذلك بناء على أعداد المدعوّين، ويدعونهم إلى عدم تجهيز كميات كبيرة من الطعام، لكن معظم الأشخاص يطلبون طعاماً لضعف عدد المدعوين، باعتبار أن ذلك إكراماً للضيوف، وكأن الكرم لا يكون إلا بالتبذير والإسراف وإهدار النعمة، ونتيجةً لتلك المفاهيم المغلوطة تبقى مشاهد رمي الولائم كاملة في حاويات النفايات؛ ظاهرة مؤلمة تستفز الجميع.
أما على الصعيد الفردي، فإن الوضع يبقى أشد سوءاً، لأن معظم العائلات، لا سيما الميسورة منها، تلقي مسؤولية صنع الطعام على العمالة المنزلية دون أن تقوم بمراقبتها، وهذه العمالة تتولى طبخ كميات كبيرة من الطعام، حتى لا تقوم بذلك أكثر من مرة واحدة في اليوم، إلا أن غالبية أفراد الأسرة، لاسيما الشباب منهم، يرفضون تناول الطعام المطبوخ في المنازل، ويُفضِّلون عليه الوجبات الجاهزة التي يتم طلبها من المطاعم.
ولا يخفى على القارئ الكريم أن مساوئ هذه العادة الضارة لا تقتصر فقط على الخسائر المادية والمبالغ الضخمة التي تضيع من ميزانيات العائلات، فهي تتسبَّب كذلك في هدر المياه التي تُستخدم في الطبخ، وغسل الأواني وتنظيف المطابخ، وندرة السلع الغذائية من المحلات التجارية، وبالتالي ارتفاع أسعارها، كما أن الأطعمة التي تُلقَى في مكبَّات القمامة تجذب الحيوانات المفترسة والكلاب الضالة التي يمكن أن تُهاجم السكان، كما لاحظنا في حالات مشابهة كثيرة، إضافةً إلى الإضرار بالبيئة، والتسبب في انبعاث الروائح الكريهة.
كذلك، فإن هدر الطعام وإلقاءه في سلال المهملات؛ يحمل أعظم معاني الجحود بنعم الخالق، والإسراف والبعد عن الاعتدال والتكافل، ويشير بوضوح إلى عدم الإحساس بالآخرين، والرحمة بهم، وهو سبب رئيس كذلك في محق البركة وزوال النعم.
ليتنا نستذكر في هذا الشهر الكريم نعم الله علينا، ونتوقف عن تلك العادة الضارة، ونقتصد في إنفاقنا، ونُعوِّد أنفسنا على المعاني الحقيقية لشكر الله، لأن بها تدوم النعم، وأن نُقابل ما أنعم الله علينا به من الخير بالحمد، وليس بالجحود والنكران. وأن نكون قدوات صالحة لأبنائنا الذين يشبّون على ما رأوه في منازلهم، ويحتفظون بما تعلَّموه من آبائهم، فنحن مسؤولون عن ذلك أمام الله، وأن نستذكر على الدوام قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له».
وأشار مدير البرنامج «زيد الشبانات» في حديث لقناة الإخبارية خلال الأيام الماضية، إلى أن الأرز يأتي في مقدمة السلع التي تتعرض للهدر بنسبة 40%، ويليه القمح بنسبة 25%، مؤكداً أهمية زيادة الوعي بين المواطنين لتقليل هذا الهدر، الذي يضيع بسبب عادات خاطئة لا زال كثير من الأسر يتمسك بها. وفي تقرير مُشابه، أكَّدت منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)، أن ما يقرب من ثلث الغذاء العالمي يتعرَّض للهدر سنوياً، وهو ما تُعادل قيمته نحو تريليون دولار أمريكي، وتُقدّر كمية هدر الطعام في دول الاتحاد الأوروبي بنحو 89 مليون طن سنوياً، وفي الولايات المتحدة بنحو 60 مليون طن، وأن السعودية تحتل المرتبة الأولى عالمياً في الهدر الغذائي بما يعادل 13.3 مليار دولار سنوياً، وأن هذا المبلغ يفوق الناتج المحلي الإجمالي لكل من الصومال وجيبوتي وموريتانيا مجتمعة، حيث يصل معدل الهدر إلى 250 كيلوجراماً للفرد الواحد.
مما يُؤسَف له أن هذه العادة الضارة - التي تتنافى مع تقاليد الدين الإسلامي، الذي يدعو للترشيد في النفقة، والتوسط في كل شيء - تتزايد بصورة ملحوظة خلال شهر رمضان المبارك، الذي جعله الله تعالى فرصة لنا كي نستذكر إخوتنا الفقراء، الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، لكننا حوَّلناه إلى موسم للتبذير والإسراف، حيث تمتلئ موائدنا يومياً بما لذَّ وطاب من أصناف الطعام التي لا نتناول نصفها، ومن ثم نضطر إلى إلقاء المتبقي في حاويات القمامة، وللأسف الشديد فإن هذه الممارسة تتكرر يومياً دون أن نتعلم من أخطائنا، وكأننا نُصر على ارتكاب هذه المعصية.
كذلك تبدو هذه العادة السيئة واضحة أمام قاعات الأفراح خلال المناسبات الاجتماعية، فالكثير من أصحاب تلك القاعات والعاملين فيها يُؤكِّدون أن كميات الطعام التي تتبقَّى بعد انتهاء المناسبات تفوق التي تناولها المدعوون، ورغم أنهم يقومون بتقديم النصح لعملائهم عند سؤالهم عن كميات الطعام التي يريدون تجهيزها، وذلك بناء على أعداد المدعوّين، ويدعونهم إلى عدم تجهيز كميات كبيرة من الطعام، لكن معظم الأشخاص يطلبون طعاماً لضعف عدد المدعوين، باعتبار أن ذلك إكراماً للضيوف، وكأن الكرم لا يكون إلا بالتبذير والإسراف وإهدار النعمة، ونتيجةً لتلك المفاهيم المغلوطة تبقى مشاهد رمي الولائم كاملة في حاويات النفايات؛ ظاهرة مؤلمة تستفز الجميع.
أما على الصعيد الفردي، فإن الوضع يبقى أشد سوءاً، لأن معظم العائلات، لا سيما الميسورة منها، تلقي مسؤولية صنع الطعام على العمالة المنزلية دون أن تقوم بمراقبتها، وهذه العمالة تتولى طبخ كميات كبيرة من الطعام، حتى لا تقوم بذلك أكثر من مرة واحدة في اليوم، إلا أن غالبية أفراد الأسرة، لاسيما الشباب منهم، يرفضون تناول الطعام المطبوخ في المنازل، ويُفضِّلون عليه الوجبات الجاهزة التي يتم طلبها من المطاعم.
ولا يخفى على القارئ الكريم أن مساوئ هذه العادة الضارة لا تقتصر فقط على الخسائر المادية والمبالغ الضخمة التي تضيع من ميزانيات العائلات، فهي تتسبَّب كذلك في هدر المياه التي تُستخدم في الطبخ، وغسل الأواني وتنظيف المطابخ، وندرة السلع الغذائية من المحلات التجارية، وبالتالي ارتفاع أسعارها، كما أن الأطعمة التي تُلقَى في مكبَّات القمامة تجذب الحيوانات المفترسة والكلاب الضالة التي يمكن أن تُهاجم السكان، كما لاحظنا في حالات مشابهة كثيرة، إضافةً إلى الإضرار بالبيئة، والتسبب في انبعاث الروائح الكريهة.
كذلك، فإن هدر الطعام وإلقاءه في سلال المهملات؛ يحمل أعظم معاني الجحود بنعم الخالق، والإسراف والبعد عن الاعتدال والتكافل، ويشير بوضوح إلى عدم الإحساس بالآخرين، والرحمة بهم، وهو سبب رئيس كذلك في محق البركة وزوال النعم.
ليتنا نستذكر في هذا الشهر الكريم نعم الله علينا، ونتوقف عن تلك العادة الضارة، ونقتصد في إنفاقنا، ونُعوِّد أنفسنا على المعاني الحقيقية لشكر الله، لأن بها تدوم النعم، وأن نُقابل ما أنعم الله علينا به من الخير بالحمد، وليس بالجحود والنكران. وأن نكون قدوات صالحة لأبنائنا الذين يشبّون على ما رأوه في منازلهم، ويحتفظون بما تعلَّموه من آبائهم، فنحن مسؤولون عن ذلك أمام الله، وأن نستذكر على الدوام قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له».