تأسست منظمة الأمم المتحدة عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت الغاية من تأسيسها هو المحافظة على السلم والأمن الدوليين، واتخاذ تدابير جماعية لمنع وإزالة الأخطار التي تهدد السلام، وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، وكان ثلث سكان العالم آنذاك مستعمرين من قبل بريطانيا وفرنسا، من ضمنها الكتلتان العربية والإسلامية؛ التي أصبحت دولها الآن مستقلة ذات سيادة، ويبلغ عدد المسلمين في العالم حوالى ملياري مسلم يُشكِّلون ربع سكان الكرة الأرضية، ولا يوجد مَن يُمثِّلهم في الأمم المتحدة بصفة دائمة، ولقد آن الأوان لإحداث تغييرات في ميثاق الأمم المتحدة الذي كُتب واعتُمد قبل 77 عامًا، وحصرَ العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي في خمس دول نووية كبرى هي: الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، وبريطانيا، وإيرلندا الشمالية، وقد كان الأعضاء الدائمون حلفاء في الحرب العالمية الثانية (وهم المنتصرون)، والدول العشر المتبقية في المجلس يتم انتخابها من قبل الجمعية العمومية كل سنتيْن، ويمتلك الأعضاء الخمس الدائمون حق الفيتو، الذي يُمكِّنهم منع اعتماد أي مشروع قرار «جوهري» للمجلس، لمجرد أنه لا يتفق مع مصالحهم، مما أدّى إلى تسييس الأمم المتحدة واتباعها للمعايير المزدوجة.. ونجد هذه الدول الخمس تُمثِّل المعسكريْن الغربي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) والشرقي (روسيا والصين)، وكلُنا يُدرك استعلاء الغرب على الشرق، لأنه يريد أن يكون هو صاحب السيادة على العالم، فالكتلة الغربية في مجلس الأمن بزعامة أمريكا تعمل على ما يخدم مصالحها على حساب سيادة دول مُستضعفة، بما في ذلك العدوان عليها بحجة حماية الأمن القومي لدول الغرب، كما حدث في غزوها للعراق عام 2003م، بحجة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل التي تهدد أمن أمريكا التي تبعد عنها بأكثر من 11 ألف كلم، ومع ثبوت خلو العراق منها، واعتراف جورج بوش الابن أنّ ادعاء امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل كان مجرد أكذوبة، وحدث الغزو بدون موافقة مجلس الأمن، ورغم ذلك؛ لم تُفرَض أية عقوبات على أمريكا أو بريطانيا، بينما فرضت أمريكا ومعها دول الناتو عقوبات اقتصادية على روسيا لقيامها بعملية عسكرية ضد أوكرانيا لحماية أمنها القومي، وقد أضرّت تلك العقوبات بالاقتصاد العالمي، ولا تزال تلك الدول مستمرة في فرض عقوباتها، مع تهديدها لدولة كبرى كالصين، ودولة نووية كالهند بتنفيذ ذات العقوبات عليهما إذا لم تلتزما بفرض العقوبات على روسيا المُراد إفلاسها.
إنّ القوى الكبرى المُتحكّمة في العالم لا تعمل إلّا لمصالحها، وتُسخِّر المنظمات الدولية، لشرعنة ما تقوم به، ويظهر هذا بوضوح في رفع أمريكا للحوثيين من قائمة الإرهاب، وهي عازمة الآن لرفع الحرث الثوري من القائمة لإتمام الاتفاق النووي.
ويؤكد انحياز الأمم المتحدة وتسييسها، غضها الطرف عن وجود 30 مختبرًا في أوكرانيًا للأسلحة البيولوجية الممولة من البنتاجون، ورغم ما قدمته روسيا من وثائق تثبت صحة ذلك، وتورط بايدن في هذه العملية، لكنّها لم تستجب لطلب إجراء تحقيق دولي في هذه القضية، بل أعلن الأمين العام للأمم المتحدة انحيازه لأوكرانيا، مع أنّ منصبه يُلزمه الحياد.
وعندما فرضت أمريكا وحلفاؤها العقوبات على روسيا؛ استثنت الوقود والغاز منها، لحاجة دول الاتحاد الأوروبي لهما، ولولا ذلك؛ لجعلتهما ضمن العقوبات؛ غير مبالية بالضرر الذي سيلحق بدولٍ أخرى.
والأدهى من هذا أنّ من مخططات أمريكا؛ توريط الصين في غزو تايوان، وذلك بتحريض تايوان على إعلان انفصالها عن الصين، كما ورّطت روسيا في قيامها بحملتها العسكرية على أوكرانيا نتيجة انقلاب أوكرانيا عام 2014، الذي كانت وراءه إدارة أوباما، للإتيان بسلطة موالية لأمريكا، ومعادية لروسيا.
ولا يُستبعد أنّ أمريكا ودول الغرب سيجرَّان العالم إلى حربٍ نووية في أية لحظة، فحشود جنود الناتو والأسلحة والمعدات الحربية على الحدود الروسية تُنذر بذلك، ممّا يستدعي أن يتحرّك العقلاء عالمياً لإنقاذ العالم من الهلاك، ما لم يتم تكوين نظام عالمي متعدد الأقطاب يكون ممثلًا لجميع دول العالم، مع العمل على إجراء تعديلات جذرية في ميثاق الأمم المتحدة، وإلغاء حق الفيتو، ومنح الكتلة العربية حق العضوية الدائمة في مجلس الأمن ليتحقق التوازن في القوى، وأنّ يكون فرض العقوبات من حق الأمم المتحدة فقط بموافقة ثلثي أعضائها.. ولابد من وضع نهاية لقانون الغاب الذي يُحكَم به العالم بمعايير مزدوجة، فليس ثمَّة مَن يسأل القوى الغربية عمّا تقترفه من جرائم في حق الشعوب المستضعفة، فهل هذه القوى تستحق الحصول على حق الفيتو في قرارات تتعلق بمصير شعوب العالم الضعيفة؟!.
أمّا حلف الناتو الذي يستقوي به الغرب على سائر شعوب الأرض، فقد دمّر يوغوسلافيا وفتّتها عام 1999، وليبيا عام 2011، ولم تُفرض عليه أية عقوبات، أو تعويضات مالية، فلا مُبرِّر لوجوده بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو، ذريعتا قيامه.