* الكاتب -أي كاتب-، يخطئ ويصيب، كسائر المخلوقين من البشر، والكمال لله وحده، خالق السموات والأرض ومن فيهن..
* قبل بضع سنوات كتبت مقالاً نشر على صفحات هذه الجريدة، عن جزئية معينة من حيل المتسولين، وعلى أثر قراءتها من بعض المحبين، ظنوا أنني أعارض بها عملية خيرية، تدخل ضمن الصدقات والإحسان للمحتاجين، فشكرت لهم عتابهم، وحسن ظنهم لمتابعاتي الإصلاحية وبررت لهم وجهة نظري الإنسانية حول الموضوع اجتماعياً.
* وتتمثل قصة تلك الجزئية الاحتيالية في التسول (إنني قبل بضع سنوات، كنت آتياً من الطائف إلى جدة، وفي أحد شوارع وسط جدة الكبيرة المكتظ برتل السيارات المتنوعة وتأخر السير تبعاً للإشارات الضوئية، يطوف على المارين -عادة- العديد من عمال النظافة وخاصة عند توقف الإشارات الضوئية، وخلال سيرهم بجوانب المارة يسلمون عليهم وهي إشارة تسولية دأبوا عليها خلال عملهم، وتقديراً من المارين وحبهم للمعروف يبادلون تحيتهم بالميسور من المال وغيره وحينها لم يكن لديّ سوى بقية من وجبة طعام لكنه لم يقبلها ويُفضل المال بحجة أن كفيله لم يصرف رواتبهم لمدة ستة أشهر وهي سجية دأب عليها هو ومن معه).
* وعن هذا الموقف كانت ملاحظتي لأن الصدقة قد لا تنطبق عليها حالات هؤلاء، وبالتالي طالبت الجهات المعنية بمحاسبة كفلائهم في تأخير صرف رواتبهم وفق نصوص العقود المبرمة معهم تأسياً بالأثر (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).
* خاتمة: وقد أعاد إليَّ هذا الموضوع ما شاهدته وما قراته هذه الأيام وخاصة مع بداية شهر رمضان المبارك، من قبل المسؤولين عن إدارة مكافحة التسول في الحرمين الشريفين مكة والمدينة والفرق العديدة التي تزاول هذه المهنة من خلال حيل متعددة (الأشكال والصور والألوان) الهدف منها الابتزاز وجمع الأموال، تديرها أيدٍ متخصصة ومدربة في مثل هذه الحالات، وبالجهود المكثفة والمتابعة المستمرة، والحرص الشديد، فقد استطاعت الجهات المعنية في مكافحة التسول، بحكم خبرتها ودرايتها في هذا السبيل من القبض على هذه المجموعات وفلولها المتناثرة هنا وهناك والقضاء على نشاطها والحد من تزايدها، وتحكيم الأنظمة اللازمة بحقها لمخالفتها للسبل المألوفة في تحقيق صفة المحتاجين ممن تنطبق عليهم الصدقات وأعمال الخير وما في حكمها.