في كتابه «الأيام الأخيرة في حياة هؤلاء»، ذكر الكاتب المصري حفني المحلاوي أن الأديب الدكتور طه حسين بدأ الدخول في دائرة الضوء في عام 1926م؛ حين ألف كتابًا بعنوان: «عن الشعر الجاهلي»، وعلى إثر ما صاحبه من ضجة إعلامية وسياسية.. اضطر لاستبدال عنوانه إلى «الأدب الجاهلي».. وفي العام نفسه تم تعيينه أستاذًا للآداب بالجامعة.. وفي العام 1928م تم انتخابه عميدًا لكلية الآداب، وقد أثار هذا التعيين أزمة سياسية أدت إلى تقديم استقالته.. إلى أنه سرعان ما عاد عميدًا للكلية نفسها.
بعدها أحيل الدكتور طه حسين إلى التقاعد من الجامعة عام 1932م، لكنه أُعيد للجامعة عام 1934م، وظل بها عميداً حتى عام 1942م.. وفي العام 1950م عين لأول مرة وزيرًا للمعارف، وكان قبلها يعمل مستشارًا فنيًا في نفس الوزارة حتى أُحيل إلى التقاعد في العام الذي اختير فيه وزيراً.. وفور توليه المنصب، قرر اعتماد مجانية التعليم انطلاقًا من صيحته المدوية: إن التعليم لابد وأن يكون كالماء، والهواء.
وكان كلما اقترب بقوة من مشكلات الشيخوخة، حيث الأمراض التي قال عنها يومًا لتلميذه كمال الملاخ: «أما المرض، فقد لقيت منه شرًا كثيرًا، ولكني أتعزى عن هذا الشر، بما يؤثر من أن الله يكفر عن المرء بعض سيئاته، ويغفر له بعض ذنوبه بمقدار ما يؤذيه المرض».. وعند بلوغه التاسعة والسبعين من العمر قال لأصدقائه: «إني لا أود شيئًا من الدنيا، لأن الحياة إنما هي كما قال تعالى: «لعب ولهو وزينة».. وفي العام 1973 م توفي عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين - رحمه الله - بعد معاناة مع المرض.. كان الدكتور طه حسين مثالاً لقدرات الإنسان الذي خلقه الله وصوره ثم تركه يعيش فوق الأرض، بما يملك من قدرات هُيأت لكل منَّا حسب ما أعطاه الله من مقومات نفسية وجسدية وعقلية.
ولو استعرضنا تاريخ الأدب العربي.. لمعرفة موقع العميد فوق خارطته من واقع ما كان فيما يخص العجز، وفقدان البصر، لوجدنا أنه يحتل المرتبة الثانية بعد الشاعر والمفكر العربي «أبي العلاء المعري».. الذي اشتهر بلقب «رهين المحبسين»! ومن بعد الأديب الدكتور طه حسين.. فتحت الأبواب على مصراعيها لاحتواء أصحاب العاهات.. الذين أثبتوا أنهم لا يقلون مقدرة وطموح عن غيرهم من الأسوياء من أصحاب الأبصار السليمة.