أوهام المعرفة

- يبدو لي أن بعض المتصدّرين لأفكار تنمية الذات وعلوم الطاقة والجذب وما شابهها، بعيدون عن الواقع، ويستغلّون فرصة إصابة كثيرين باضطرابات نفسية وشخصية، فيدغدغون مشاعرهم، ويبيعونهم الأوهام ويتكسّبون من خلالهم، ولا أستغرب إصابتهم هم أنفسهم بأوهامٍ فكرية، وعُقد نفسية، تستدعي علاجات دوائية وسلوكية.

- ليست المشكلة في الشهرة بحدّ ذاتها، وإن كانت الشهرة فخٌ خطير كما تناولتُ في مقال سابق، لكن المعضلة تكمن في أن أحدهم وقد صار مشهوراً ومرغوباً جماهيريا، يظهر أنه من المضطربين فكرياً ونفسياً، وله متابعين كُثر يُشجعونه ويقبلونه بهذيانه الفكري، واضطراباته الشخصية النرجسيّة.

- بعض أصحاب التنمية البشرية والطاقة وتطوير الذات، كلما كان كلامُهم ضبابياً وعامّا، وهلامياً وصاخباً، أو مثالياً، ظنّوا أنهم أكثر تأثيراً على العوام الموهومين، الذين تربّوا على ثقافة التصديق دون دلائل، وبخاصّة فيما يتعلّق بالأرقام والأبراج الفلكية والسّحر والخوارق والغيبيات وأحلام المنام! والعجيب، أنّ بعض البرامج الإعلامية، تُشارك بدور فعّال في تكريس اللغط والبلاهة، وتسهم في الانحدار المعرفي والفكري.

- يلجأُ بعض أصحاب تطوير الذات والتنمية البشرية إلى حيلٍ لإثارة حماس جمهورهم والتكسّب من ورائهم وزيادة شعبيّتهم، منها استخدام ألفاظٍ تحتمل معاني كثيرة، ومُصطلحاتٍ هلامية، وجُمل رنانة، لدغدغة مشاعر المُريدين وكثير من المرضى النفسيين، الذين يُعانون من مشكلاتٍ اجتماعيةٍ واضطراباتٍ شخصيةٍ، ويتردّدون في العرض على الطبيب المختص.

- يبدو أنّ المهم إعلامياً في مهمّة «جذب» انتباه الناس وإثارةِ اهتمامهم وجدلهم، أن تكون ثرثاراً ضبابياً، متوهّماً الحكمة، مُنشغلاً بالفراغ، مُتاجراً بانفعالاتِ الناس وجهلهم وأمراضهم، متكلّماً بمصطلحاتٍ ظاهرها الفخامة، مُتقناً فنون الإيحاء ولغة الجسد، وأن تكون مائعاً زئبقيّاً، لا يُفهم ما تقصده، وتردّ على الأسئلة الصريحة بإجاباتٍ مُلتوية، وتستخدم تعابير صاخبةٍ مُبهمة غامضةٍ تلتبسُ على صغار العقول.

- أرجوك، لا تضحك على العوام بكلام الإيجابيةِ والطاقة وتنميةِ الذات، وتحاول التكسّب من ورائهم أو تحصيل التعاطف والتميّز والشُّهرة، عن طريق ربط أفكارك الهلامية بالأديانِ، وتفسيرها عن طريق العقائد.. وأنت بنفسك تائهٌ ولديك اضطرابات في الشخصية وعقد نفسية، أو غني وغير محتاج، ومشكلاتك الشخصية عبارة عن رفاهيةٍ لكثير من الناس البؤساء والمحرومين.