هناك قاعدة أصولية تقول «الحكم على الشيء فرع عن تصوره» ومغزاها أنه لكي يتم إصدار الأحكام على أشياء معينة، لابد من فهمها والوقوف عليها بدرجة تمكن الناظر فيها من أخذ فكرة متكاملة عنها ليأتي حكمه واقعياً، لهذا التمس العذر على مضض لذلك المسؤول الذي لا يزال مصراً على استمرار الدراسة الحضورية حتى ودرجة الحرارة تلامس الـ49، لأنه يعيش ببرج عاجي ولأنه لم يعش تجربة المواطن البسيط الذي دفعته ظروفه المادية الصعبة للاستئذان من عمله والخروج بنفسه بعز الصيف لأخذ أولاده من المدرسة، وقد تتعطل سيارته وقد يتأخر عليهم، فيجدهم من بللهم كالملابس المنشورة على حبل الغسيل!
يجب على وزارة التعليم في ظل بلوغ درجة الحرارة 49 الاضطلاع بمهامها الإنسانية قبل المهنية، والمبادرة بإنفاذ بروتوكول السلامة، إسوة بتعليق الدراسة لتفشي جائحة كورونا (ونقل كافة الطلاب للمراحل التالية) أو جعل الدراسة عن بعد الفترة المتبقية، أو على الأقل المشاركة الوجدانية بصرف ماء وعصائر ومظلات شمسية تشعرهم بأن قلوب القائمين على التعليم عليهم!
قد يقول قائل من الوصوليين: وحضرتك جالس توزع نصائحك ولا عمرك أخذت أولادك من المدرسة فكيف جاء حكمك؟
وهنا سأسرد عليكم تجربة شخصية: حيث هاتفني ابني الكبير ماجد وابلغني بأنه لا يستطيع أخذ أخيه فارس من المدرسة، وفي موعد الصرفة ذهبت ولم أجد الزحام الذي أسمع عنه لينتابني القلق، قبل أن اشاهد ابني أمام البوابة مع عدة طلاب ومدرسين، وقد أعياهم العطش وحرارة الجو وطول الانتظار، وحين عاتبت المدرسين برروا: بأنه لانقطاع الماء والتكييف صرفوا الطلاب بدري وأرسلوا رسائل لأولياء الأمور، لكنها لم تصلني، حينها وتفهماً لمعاناة ابني: علقت دراسته اليوم الثاني!
إن النقمة الحاصلة على الكوادر التعليمية بيومنا، عائدة لسببين لا ثالث لهما، أولها: عدم شكر المعلمين والمعلمات للنعمة التي كانوا فيها حين كانت إجازاتهم الصيفية 4 أشهر ومع ذلك يكثرون بمجالسنا التذمر والتشكي وعدم الرضا على مهنتهم، وثانيها: حسدنا الدائم لهم ومطالباتنا العديدة بمساواتهم بنا، حتى تجرعنا الألم قبلهم في أبنائنا وفلذات أكبادنا!!
لقد توصل باحثون أمريكيون في دراسة سابقة نشرت نتائجها بمجلة «ساينس» الأمريكية إلى أن ارتفاع درجة حرارة الجو له تأثير سلبي على نفسية الإنسان، حيث يقل فهمه ويزداد ميله للسلوك العدواني، هذه الدراسة التي ربما أجريت لديهم وسط حرارة لم تتجاوز 16 درجة فكيف بآثارها وهي تعانق الـ50 درجة، حين تتعطل مولدات الكهرباء وتطفأ مكيفات الفصول المكتظة بالطلبة، فيصبح حلمهم الثائر الحصول على نسمة هواء، وليس حل شوية معادلات معقدة بالرياضيات والكيمياء!
وأخيراً فإن العذر الوحيد، الذي يمكنه إقناع أولياء الأمور بعدم وجود أي مبرر لتعليق الدراسة أو جعل الدراسة عن بعد، رغم موجة حرارة الجو المرتفعة، أن يغيبوا أبناءهم يوماً ويذهبوا للمسؤول عن العملية التعليمية ليبثوا شكواهم إليه، فيستقبلهم مدير مكتبه مبتسماً ومعتذراً: لو تقدمتم شوية كان موجودا، لكن سعادته.. طلع يأخذ أولاده من المدرسة!
يجب على وزارة التعليم في ظل بلوغ درجة الحرارة 49 الاضطلاع بمهامها الإنسانية قبل المهنية، والمبادرة بإنفاذ بروتوكول السلامة، إسوة بتعليق الدراسة لتفشي جائحة كورونا (ونقل كافة الطلاب للمراحل التالية) أو جعل الدراسة عن بعد الفترة المتبقية، أو على الأقل المشاركة الوجدانية بصرف ماء وعصائر ومظلات شمسية تشعرهم بأن قلوب القائمين على التعليم عليهم!
قد يقول قائل من الوصوليين: وحضرتك جالس توزع نصائحك ولا عمرك أخذت أولادك من المدرسة فكيف جاء حكمك؟
وهنا سأسرد عليكم تجربة شخصية: حيث هاتفني ابني الكبير ماجد وابلغني بأنه لا يستطيع أخذ أخيه فارس من المدرسة، وفي موعد الصرفة ذهبت ولم أجد الزحام الذي أسمع عنه لينتابني القلق، قبل أن اشاهد ابني أمام البوابة مع عدة طلاب ومدرسين، وقد أعياهم العطش وحرارة الجو وطول الانتظار، وحين عاتبت المدرسين برروا: بأنه لانقطاع الماء والتكييف صرفوا الطلاب بدري وأرسلوا رسائل لأولياء الأمور، لكنها لم تصلني، حينها وتفهماً لمعاناة ابني: علقت دراسته اليوم الثاني!
إن النقمة الحاصلة على الكوادر التعليمية بيومنا، عائدة لسببين لا ثالث لهما، أولها: عدم شكر المعلمين والمعلمات للنعمة التي كانوا فيها حين كانت إجازاتهم الصيفية 4 أشهر ومع ذلك يكثرون بمجالسنا التذمر والتشكي وعدم الرضا على مهنتهم، وثانيها: حسدنا الدائم لهم ومطالباتنا العديدة بمساواتهم بنا، حتى تجرعنا الألم قبلهم في أبنائنا وفلذات أكبادنا!!
لقد توصل باحثون أمريكيون في دراسة سابقة نشرت نتائجها بمجلة «ساينس» الأمريكية إلى أن ارتفاع درجة حرارة الجو له تأثير سلبي على نفسية الإنسان، حيث يقل فهمه ويزداد ميله للسلوك العدواني، هذه الدراسة التي ربما أجريت لديهم وسط حرارة لم تتجاوز 16 درجة فكيف بآثارها وهي تعانق الـ50 درجة، حين تتعطل مولدات الكهرباء وتطفأ مكيفات الفصول المكتظة بالطلبة، فيصبح حلمهم الثائر الحصول على نسمة هواء، وليس حل شوية معادلات معقدة بالرياضيات والكيمياء!
وأخيراً فإن العذر الوحيد، الذي يمكنه إقناع أولياء الأمور بعدم وجود أي مبرر لتعليق الدراسة أو جعل الدراسة عن بعد، رغم موجة حرارة الجو المرتفعة، أن يغيبوا أبناءهم يوماً ويذهبوا للمسؤول عن العملية التعليمية ليبثوا شكواهم إليه، فيستقبلهم مدير مكتبه مبتسماً ومعتذراً: لو تقدمتم شوية كان موجودا، لكن سعادته.. طلع يأخذ أولاده من المدرسة!