* (المسلمون) في عصرهم الحديث، يَصْعُب وربما يستحيل التَّعايش بينهم؛ فالخلافات السياسية، ومعها الانتماءات العِرْقِيّة والمذهبية، وحتى الاختلاف في المسائل الفقهية الفرعية قادرة على تقسيمهم، وتشتيت صفوفهم؛ وقد رأيتُ ذلك عند بعض الأقليات الإسلامية في دولٍ عديدة زرتها في المحيط الهندي، حيث هناك يرتفع أحياناً صَوتُ الصِّرَاع في المساجد، وبعد الصّلاة مباشَرة؛ أمَا السبب فالجَدَل الفقهي حول (كلمة «آمين» بعد الفاتحة)، بين مَن يرى جَهْرَ الإمَام بها من عَدَمِه!!
******
* وَحْدهَا (الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية) صَنَعَت المستحيل وتجاوزت الصعوبات في هذا الميدان؛ فحَرمُها الجامعي احتضن ويحتضِن منذ سبتمبر 1961م عشرات الآلاف من الطلاب الذين ينتسبون لنحو 200 بلد وإقليم حَول العالم، تختلف ألوانهم ولغاتهم وأعراقهم وانتماءاتهم التي جاءوا منها، لكنهم يعيشون في بيئة صِحيّة عناوينها: (المحبة الصّادقة والتَآلف، والأخُوة الإسلامية الحقيقية)، يحدث ذلك في سكنهم وقَاعاتهم الدراسية، وجوانب حياتهم اليوميّة.
******
* (الجامعة الإسلامية) التي وَصفتُهَا ذات حِوار تلفزيوني (بأنها الجامعة التي لا تغيبُ عنها الشمس)، تَضُمّ مجتمعاً في تلاحمه وتراحمه -رغم تنوع مرجعياته الثقافية- يُعِيْدُ شيئاً من صَورة المؤاخاة للمجتمع المدني في العهد النبوي، وللتعريف بتلك الصورة الإنسانية الفريدة يأتي (مهرجان الثقافات والشعوب) الذي تُنظِّمه الجامعة هذه الأيام.
******
* المهرجان يضم في دورته العاشرة أجنحة لأكثر من 90 دولة، تَرسِمُ بالصُّور والعروض المرئية والفعاليات الأخرى ملامح من الموروث الثقافي والحضاري لشعوب تلك الدول، وتطورها وعادتها وتقاليدها، وتاريخ الإسلام فيها وأبرز معَالمها، في مزاوجَة إبداعية بين الماضي والحاضر.
******
* والرائع في ذلك المهرجان، الذي أصبحت تهتم بها السّفَارات الأجنبية في السعودية؛ من خلال حرص (سفراؤها وقناصلها) على حضوره، أن مَن يقوم به طلابُ الجامعة، بدعم وإشراف من عمادتهم التي يقودها الدكتور حسن يحيى هادي عواجي، ومتابعة ورعاية من سمو رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور ممدوح بن سعود بن ثنيان آل سعود.
******
* فشكراً لكل القائمين على مهرجان الثقافات والشعوب في دورته العاشرة، والشكر قبل ذلك لعَرّاب المهرجان وصَانعه الأول مدير الجامعة الأسبق معالي الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا، وهذه دعوة لكم أصدقائي لزيارة المهرجان، فهناك أضمنُ لكم الفائدة والمتعة، حيث ستختصرون المسافات في رحلات مجانية لـ(90 بَلداً) من مختلف القَارّات، دون عَنَاء السّفَر.
******
* أخيراً، أقترح تطوير ذلك المهرجان الفريد ليكون مدينة دائمة للثقافة الإسلامية، وذلك بالتنسيق بين الجامعة وهيئة تطوير المدينة المنورة، وهي قادرة على فِعْل ذلك، بجهود وحماس قائدها معالي المهندس فهد بن محمد البليهشي واهتمامه -حفظه الله- بـ(أنْسَنَة طيبة الطيبة)، هذا ما أتمناه.
رحلات مجانية لـ 90 دولة.. شكراً للدكتور العقلا
تاريخ النشر: 21 مايو 2022 21:27 KSA
ضمير متكلم
A A