* شرُفْتُ قبل 3 سنوات تقريباً بلقاء معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، كان ذلك في مكتبه في (جدّة)، وفي حوار استمر لأكثر من ساعتين، تحدث معاليه بشفافية كبيرة عن معظم قضايا تعليمنا، وكان يتقبل المقترحات الرائدة والأطروحات الناقدة برحابة صدر ووعد بالنظر والدراسة، وحينها لمستُ حرصه على التطوير الجاد لمنظومة التعليم؛ لتواكب رؤية المملكة الطموحة 2030م، التي من أهم مرتكزاتها الاستثمار في الإنسان السعودي تعليماً وتطويراً وتأهيلاً.
******
* واستكمالاً لذلك الحوار الهادئ ليسمح لي معاليه ببعض المداخلات والاستفسارات حول العديد من الملفات التي فرضتها معطيات ونبضات الواقع، وسأقتصر في هذا المقال على اثنين منها؛ والبداية ساخنة بخصوص (تطبيق نظام الـ3 فصول دراسية)؛ فهل كان العمل به مبنياً على دراسة واضحة من الجوانب كافة، خرجت بأهميته، وإيجابياته العظيمة في رحلة تطوير التعليم؟!
******
* إذا كانت الإجابة بـ(نعم) -وهذا ما أتوقعه-، فأرجو إبراز تلك الدراسة؛ لعل المختلفين مع هذا النظام، يعودون للاقتناع به؛ أما إذا كانت الإجابة بـ(لا) وأنَّ تطبيقه في هذا العام الدراسي فقط (مرحلة تجريبية)، فآمل إعادة النظر فيه؛ حيث برزت فيه العديد من السلبيات؛ من أهمها: (الظروف الصعبة التي عاشتها شريحة واسعة من الطلاب والطالبات في ظلّ حرارة الجو، وأيضاً ارتفاع نسبة الرطوبة في المناطق الساحلية، حدث هذا في مدارسهم لاسيما المستأجرة منها، وفي محطات انتظارهم حضور أولياء أمورهم، وهناك الملل الذي أصابهم مع معلميهم لطول العام الدراسي وكثرة فواصله وإجازاته؛ فهو أشبه بالسنوات الكبيسة، وما أتطلع إليه ألا يكون المبرر استنساخ تجارب عالمية، فالأجواء هناك مختلفة، والمدارس عندهم أشبه بـ»الفنادق ذات الـ5 نجوم»)!!
******
* الاستفسار الثاني عنوانه: (مزاين جامعاتنا)؛ نعم (حفظكم الله معالي الوزير)؛ فـ»معرض التعليم» الذي تنظمه «الوزارة» مشكورة لأكثر من عشر سنوات، واختتمت نسخته الأخيرة قبل أيام في الرياض، -للأسف الشديد- تعتبره الكثير من الجامعات مساحة لإثبات الوجود وساحة للحرب مع شقيقاتها، فكل منها يقول: الزين عندي -طبعًا في نوعية الأجنحة ومساحاتها وتجهيزاتها وديكوراتها الفاخرة-؛ ولذلك هناك بذخٌ كبير منها في الصّرف على تلك الأمور التي أجدُها هامشية!!
******
* ينضم لذلك كله انتدابات مسؤولي تلك الجامعات وموظفيها وما تنفقه على ضيافة الزّوار وهداياهم، بينما المحصلة محدودة ومكررة في كلّ عام؛ خاصة وجامعاتنا أبوابها مفتوحة، ومواقعها الإلكترونية وحساباتها على مواقع التواصل حاضرة في ميدان التعريف بها؛ فكم أتمنى من (معاليكم سلمكم الله) إيقاف ذلك الهدر المالي، وأن يكون المعرض مقتصراً في أجنحته على الجامعات والمعاهد الكبرى الخارجية؛ ليطلع على تجاربها أبناؤنا الطلاب ومعهم المهتمون، ولكي تُفيد جامعاتنا من خبراتها؛ وفي الختام أشكرُ لـ(معاليكم) اطلاعكم، وبانتظار كريم استجابتكم الدائمة والفاعلة، ولكم تحياتي.