تحقيق معايير التميز المؤسسي في المنظمات لا يأتي بين عشية وضحاها، ولا يكون نتيجة لاجتماع مبدع أو منتج متميز وورش عمل وقتية وتنتهي، القصة الحقيقية للتميز المؤسسي تكمن في القيادة الفاعلة وفريق العمل المؤمن بأهمية التخطيط بعيد المدى والذي يترجم الرؤية والرسالة والأهداف المكتوبة على الورق إلى منجزات نوعية حقيقية وفق مؤشرات أداء تتسم بالشفافية والنزاهة والمصداقية بدون مجاملة ولا خوف من تحديد نقاط الضعف في المؤسسة من أجل معالجتها وتسليط الضوء وبقوة على نقاط القوة لتعزيزها والفخر بها وتكريم من يستحق التكريم والذي كان سببًا لهذا التفوق والتميز والقوة.
حتى نشعر جميعًا بأننا ننتمي للمؤسسات والمنظمات التي نعمل بها نحن بحاجة لسماع آراء الجميع والجلوس على طاولة الحوار المؤسسي نشخص واقعنا الذي نعيشه ونتشارك الرأي والمشورة، كيف نخرج من عنق الزجاجة ونواجه التحديات التي تعتري مؤسساتنا مهما كانت هذه التحديات في قوتها وضراوتها إن توحدت الجهود ستتحقق الغايات متى ما سلمت النوايا فالمصلحة العامة ليست كلمات نرددها ونتغنى بها، الروح المؤسسية لابد أن تكون طاغية بين أروقة المنظمات.. الدراسات العلمية في مجال التخطيط تقول بأن تخصيص 1% من العمل لصياغة الرسالة و99% لتطبيقها تتطلب عملية تصنيف المؤسسة موارد أكثر من التغيرات في الأداء وفي مثل تلك الحالة لن تحدث تغيرات كثيرًا.
هناك فجوة قائمة وواضحة بين (أنا أقول....) و(أنا أفعل....) وعن نتائج الأداء (أنا أقدر....)، ولمنع حدوث هذه الفجوة بين ما نقول وما نفعل وما نقدر على تحقيقه من المهم أن يكون القادة لديهم درجة عالية من المصداقية والمهنية والقرب من كافة فرق العمل وعدم الاعتماد على من يحيطون به ليشكلوا تصوراته ورأيه فيمن يعملون في المؤسسة التي هي بيت للجميع تحتويهم وتؤمن بقدراتهم وبخبراتهم وبولائهم للعمل وليس للأشخاص.. الطامة الكبرى تقع في بعض المؤسسات عندما يكون هناك من يحاول ويستميت لإقصاء المتميزين بل والتشكيك فيهم والتحذير منهم ويتم تشكيل صورة نمطية مظلمة عن هذا الموظف لمصالح شخصية وهوى في النفوس ولا يمارس هذا الفعل المشين إلا الضعفاء الذين يخافون على مواقعهم والمناصب التي يشغلونها وهم في النهاية مغادرون ولكن للأسف المتضرر هو العمل المؤسسي المفقود.
مبدأ باريتو القائم على أن 80% من الآثار يأتي من 20% من الأسباب يساء فهمه أحيانًا في التربية والتعليم فهناك أنظمة تعليمية تبذل 80% من جهودها في تطوير الفكرة وترويجها و20% من الجهد المبذول في تنفيذ تلك الأفكار.. ومن البديهي ان هناك دومًا جديد من الأفكار وستحظى بجهد 80% دون أن تبقي وقتًا للتنفيذ.. وتكون عدد كبير من الإصلاحات التعليمية التي أصبحت سمة طاغية لأن هناك من ينادي دومًا بالقفز إلى أفكار جديدة قبل الالتزام الكامل بالأفكار السابقة التي طوروها.
نحن اليوم في الميدان التعليمي لدينا الكثير من التحديات والتغييرات المتسارعة ومن واقع نعيشه نحن بحاجة لتفعيل التفكير خارج الصندوق من أجل عام دراسي ممتع مثمر يحقق الأهداف والتطلعات وفق رؤية وطنية طموحة تتبناها القيادة الحكيمة وتحرص على متابعتها وبكل دقة، لا داعي لنشر رسائل سلبية بين أفراد المجتمع ولا بين من ينتمون للتعليم، نحن بحاجة لرفع المعنويات والبحث عن أسباب ومتطلبات السعادة المؤسسية، وهي ليست رفاهية بل مطلب وطني وإنساني، نعم هذه دراسات علمية تربط بين سعادة الموظف ورفع إنتاجيته وزيادة معدلات الولاء والانتماء الوظيفي.
رسالتي في هذه السطور أكرموا المعلم وارفعوا معنوياته وكونوا له داعمين مقدرين فهذا المعلم الذي يقضي جل وقته من أجل تربية وتعليم أبنائنا هو إنسان لديه مشاعر وأحاسيس وتؤذيه الكلمة كما ترفع معنوياته كلمة تقدير ونظرة احترام وتبجيل، ما يحتاجه المعلم ليست شهادات شكر وتقدير مذيلة في آخر العام بختم المدرسة أو الإدارة التعليمية، الاحتياج الحقيقي هم والتقدير المعنوي بما يليق بهذا الدور العظيم ولا يكون احتفالا وقتيًا في يوم المعلم.. ابحثوا عن طرق جديدة للتحفيز والإبداع في تقدير من يستحقون التقدير فهم والله من يصنعون المنافسة العالمية في المحافل الدولية وتابعوا واحكموا بأنفسكم من صنع جيل المبدعين والمبدعات الباحثين والباحثات والموهوبين والموهوبات في أقصى الشرق وأقصى الغرب كل يوم لنا موعد مع التتويج في منصات التكريم هؤلاء مخرجات التعليم هم صناعة فصولنا الدراسية التي يرتادها معلمونا ومعلماتنا بكل حب وانتماء وشغف حقيقي لمهنة هي الأسمى والأقدس مهنة نتوارثها من الأنبياء عليهم السلام.
نحن بحاجة ملحة اليوم وليس غدًا لتفعيل ثقافة العمل المؤسسي في بيئات التعليم لتستمر مسيرة التميز والريادة وتظل راية الوطن خفاقة في المحافل العلمية العالمية.