مسقط رأسي دمشق الشام..
مَن منكم لا يعرف الشام؟
هل أدمن أحدكم سكنى الشام،
ورواه ماء الشام
مَن منكم كواه عشق الشام
قصيدة نظمها عاشق الفل والياسمين، ابن دمشق الشام وشاعرها نزار.. نعم، نزار قبَّاني.. كلماتها تعيدني بالذاكرة لسنوات طفولتي وصباي في الشام.. أعود لقراءتها كلما فاض بي الشوق إلى الشام.. والشام في اللهجة الشاميَّة هي دمشق.
في دمشق كانت ولادتي.. ووالدتي -يرحمها الله- دمشقيَّة المولد والحسب والنسب، أرضعتني عشق الشام.. وعشق والدي ابن المدينة المنورة الشام.. وكان اتقاء لويلات الحرب العالمية الأولى، قد قدم إليها مع والده وإخوته، وغالبية أهل المدينة المنوَّرة على آخر رحلات قطارالحرمين الذي بُني في عهد السلطان عبدالحميد الثاني بتمويل من متبرعين لتسهيل التنقل بين دمشق؛ (شام شريف) والمدينة المنورة، وكان قد بُدأ العمل في مد قضبان سكته الحديدية عام 1900، وتحركت عليها العربات عام 1908 لتدمرها بريطانيا عام 1916 بإشراف ضابط مخابراتها الكولونيل توماس إدوارد (لورنس)، عالم الآثار والدبلوماسي الخبير في تجنيد العملاء لصالح بريطانيا، لمَّا كانت إمبراطوريـة عظمى لا تغيب عنها الشمس.. ولإتقانه اللغة العربيَّة وإجادته النطق بها، والتحدث بالفصحى وعامية البادية، أرسلته المخابرات البريطانية إلى بادية الشام وضفتي قناة السويس، فتمكن من بناء و إقامة علاقات صداقه مع الشـريف علي بن الحسين، ابن حاكم مكة المكرمة، وتنظيم عصابات من بدو الحجاز، وأمدهم بالسلاح، واشترى ذممهم بالأصفر الرنَّان، فأوكل إليهم مهمة نسف سكَّة الحديد، ونهب محطَّاتها فتعذر على عرب الجنوب وعرب الشمال التنقل بين الحجاز وبلاد الشام.
واستكمالًا للمخطَّط، أعطى لورنس باسم بريطانيا الحسين، شريف مكة وعداً بتنصيبه ملكًا على العرب إن هو أعلن الثورة على السلطنة العثمانيَّة، ففعل، وفتحت بريطانيا موانيء فلسطين لدخول شذَّاذ الآفاق من اليهود لإقامة دولتهم الصهيونية فوق ترابها مباعدة بين عرب المشـرق وعرب المغرب، كما تم من جراء نسف سكة حديد الحرمين وفصل عرب الجزيرة عن إخوانهم عرب الشام والعراق، ليقع الشريف أخيرًا في أحابيلهم، وكوفئ بالنفي إلى قبرص.
ولتنفيذ اتِّفاقيَّة تقاسم تركة السلطنة العثمانية، كما رسمها كلِّ من وزير خارجية بريطانيا وخارجية فرنسا، وعرفت بـ(اتفاقية سايكس بيكو) التي قسمت دولًا عربية متجاورة، وبحدود مصطنعة، زرعت في خاصرتها نبتًا شيطانيًا ببذور التفرقة والاختلاف، ليُقضى على حلم الدولة العربيَّة الكبرى.. ولا يزال العبث والاستهتار بحياة الإنسان وكرامة الشعوب قائمًا.. ومن آثاره إمداد دول الاتحاد الأوروبي (الناتو) أوكرانيا بالمال والعتاد الذي أمدتهم به الولايات المتحدة الأمريكية لإشعال حرب أوروبية أوروبية بذريعة القضاء على الرئيس الروسي بوتين الذي يقف صامدًا في وجه الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة التي تعمل على بسط نفوذها الاقتصادي والعسكري على دول العالم كافَّة.. حالةٌ، قد تتحوَّل في أيَّة لحظة إلى حرب نوويَّة بين الشرق والغرب لا تبقي ولا تذر.
يبدو أن المتحكِّمين بإدارة الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة من ديمقراطيِّين عنصريين باتوا يغضُّون الطرف عن استعمال المخدِّرات في الشرق الأوسط؛ سلاحًا فعالًا ومدمرًّا لعقول الشعوب العربيَّة التي تواجه حملات عدوانيَّة شرسة من الصهاينة بعد أن أوكلت بريطانيا حل الصـراع العربي الإسرائيلي إلى الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة.. وها هي تحث إيران الفارسيَة على زراعته في سهول البقاع اللبنانيَّة، ليتم تصنيعه على أيدي مليشيات حزب الله الفارسية بحبوب مخدرة عقول الشعوب العربية والإسلامية بدلًا من جعله علاجًا تحت مراقبة المنظمات العالمية المهتمة بالصحة وإشرافها، وتنمية الموارد البشريَّة.