.. وعي الحاج يشكل واحدًا من أهم التحديات التي كانت تواجه الدولة..
فأنت مهما عملت من تنظيم ناجح وفاعل يواجهك في تطبيقاته حاج يجهل أداء نسكه أو يجهل الأماكن التي يمر بها.
أي جهل مركب.. جهل عقدي وجهل تنظيمي...!!
****
.. ويزيد من تعقيدات هذا التحدي التباين الواضح في الخلفيات الثقافية للحجاج والذي يلقي بظلاله (هنا) داخل المشاعر المقدسة ويكون له مفارقاته وآثاره على التنظيم والصحة والأمن والسلامة وغيرها...!!
****
.. وقد بذلت الدولة جهدًا كبيرًا في مواجهة هذا التحدي سواء من حيث المشروعات التنظيمية أو من خلال الجهات التوعوية والتثقيفية والإرشادية للحجاج...
****
.. ونتذكر الكثير من ملامح هذه الجهود مثل مخيمات التوعية الإسلامية والمطبوعات بكل اللغات والأسورة وجهود مؤسسات الطوافة بالتثقيف الديني والمكاني داخل مخيمات الحجاج وجهود الكشافة الإرشادي.. وغيرها الكثير من جهود التوعية في المنافذ، وفي مواقع تحركات الحجاج.. بل وحتى بعض الجهات الأمنية التي ليست معنية في عمق عملها بالثقافة كان لها جهدًا وافرًا في هذا كالحرس الوطني مثلا...
****
.. ثم فكرت الدولة في الخطوات التوعوية الاستباقية، أي توعية الحاج وهو في بلده قبل قدومه لأداء مناسك الحج.. وكان اللافت في هذا درجة التنظيم العالية التي كان عليها الحجاج الماليزيون أثناء موسم الحج...
****
.. وفي هذا السياق قامت الدولة من خلال وزارة الحج بتنظيم أول مؤتمر إسلامي لتوعية الحجاج في بلدانهم في العاصمة الماليزية كوالالمبور بحضور رئيس الوزراء الماليزي في ذلك الوقت مهاتير محمد وحضور 54 دولة اسلامية، هذا غير المنظمات والشخصيات ووسائل الثقافة والإعلام.
وقد حظي المؤتمر بتفاعلات كثيرة وجلسات ونقاشات ثرية وتم تحديد مسؤوليات كل دولة في توعية حجاجها داخل الدولة وتحديد الآليات والالتزامات للدول تجاه توعية حجاجهم.
وتم الاسترشاد الميداني بالتجربة الماليزية حيث قامت ماليزيا بعمل مجسمات مشابهة تقريبية للمشاعر يتم تدريب الحجاج الماليزيين عليها وتعريفهم بها...
****
.. وقد كان من المقرر على ما اتذكر أن يقام المؤتمر كل سنة في دولة إسلامية، ولكن هذا المؤتمر مع الأسف توقف عند الرقم (1)، ولا أدري عن الأسباب...!!
****
.. اليوم يدخل الحج مراحل متلاحقة ومتسارعة من التنظيم في ظل التقنية والرقمنة، وإذا كان الحج الذكي يمثل علامة فارقة فإن «طريق مكة» والذي بدأ بخمس دول يمثل مرحلة متقدمة جدًا في التنظيم..