رغم أن الصين حددت منذ بعض الوقت ما تريده من الشرق الأوسط، إلا أنها كانت حريصة على عدم البروز كمنافس للولايات المتحدة. فهي بحاجة إلى بترول الشرق الأوسط، وإلى أن تتواجد قريباً من مناطق تجارتها وطريق الحرير القديم الذي اشتهرت الصين باستخدامه.. وحرصت على عدم إقامة قواعد عسكرية في المنطقة، بل إنها كانت حريصة أن لا تكون القاعدة التي أنشأتها في جيبوتي كبيرة بشكل يُهدِّد الهيمنة الغربية، وكذلك الأمر بالنسبة لتواجدها العسكري في الصومال والسودان وبعض المناطق العربية الأخرى. وعندما وقعت مع إيران، عام 2021، اتفاقية اقتصادية تمتد لربع قرن، أبطأت مسيرة التنفيذ رغبةً في عدم إغضاب العرب، وكذلك عدم تجاوز نظام المقاطعة الذي فرضه الغرب على طهران.. وأصبحت الصين خلال العقود الأخيرة المصدر الرئيس للاستثمار الأجنبي في الشرق الأوسط، وتشارك الشركات الصينية الآن في إعادة بناء البنية التحتية لسوريا، والموانئ وشق الطرق ومد السكة الحديد. ووقعت اتفاقية مشابهة مع المغرب. وكل ذلك ضمن مشروع العولمة الخاص بها (الحزام والطريق). وبلغت استثماراتها في العراق للعام الماضي (2021) حوالى 10.5 بليون دولار في مشاريع الطاقة. ووقَّعت عام 2018 مع مصر عدة اتفاقيات اقتصادية بمبلغ 18 بليون دولار. وتمكنت من ربط 21 دولة عربية بمشاريع ضمن مبادرة الحزام والطريق. مئات البلايين من الاستثمارات الصينية والتجارة البينية مع العالم العربي متواصلة، إلا أن المؤشرات تدل على أن استمرار هذا الأمر، سيكون أكثر صعوبة في الأيام القادمة بعد أن بدأت حرب أوكرانيا وتداعياتها.
تتعرض دول أوبك، ومنها الدول العربية، لضغوط متزايدة من الدول الغربية لأخذ مبادرات تستهدف جعل وصول الصين إلى البترول عملية صعبة وأكثر تعقيداً مما هي عليه الآن. وتسعى واشنطن إلى تقليص ما تكسبه روسيا من مبيعات بترولها، وتدرس واشنطن ولندن إقامة كيان للدول المستوردة للبترول يُمكِّنها من التأثير على أسعاره، وكذلك كيفية جعل شركات التأمين تفرض رسوماً تؤدي إلى تقليص مكاسب بيع البترول الروسي، الأمر الذي سيُؤثِّر بشكلٍ كبير على مبيعات البترول للصين والهند، اللذين يسعيان ليكونا أكبر مشترين مستقبلاً للبترول الروسي. وفي نفس الوقت ستتأثر دول أوبك الأخرى من نظام التأمين الجديد على البترول ما لم يتم استثناء المنتجين، غير روسيا، من النظام أو التسعيرة الجديدة.
حرب أوكرانيا تستهدف الصين إلى جانب روسيا، وهذا أمر واضح من التصريحات التي يطلقها الغرب بما يتعلق بالعلاقة بين الصين وروسيا، وكذلك بين الصين وتايوان. ويدخل الغرب في حملته الجديدة على منافسيه في مغامرة تؤدي إلى أعمال عسكرية خطيرة، وتُهدِّد بتقليص الدور الصيني الاقتصادي في تخفيف الصعوبات في بلاد تنشط الصين تجارياً فيها بآسيا وإفريقيا. كما أن التنافس المتصاعد عبر التصريحات النارية يمكن أن يجر أكثر من بلد إلى حرب لا يرغب فيها أحد في الوقت الحاضر.
وليس من السهل أن يشن الغرب حملات إعلامية على الصين، فتلتزم الدول المصنفة بعالم ثالث، ومنهم العرب، بما يقول به الغربيون. خاصة أن الصين تُركِّز على التعاون في المجال الاقتصادي، والمساعدة في التنمية بدون الدخول في القضايا السياسية الخارجية والداخلية للدول الأخرى، بعد أن أسقطت الصين من سياستها الخارجية أي دعوة إلى الشيوعية، وفي المقابل تسعى أوروبا والولايات المتحدة إلى تغيير السياسات الداخلية لكل بلد ومجتمعاتها وقيمها وتقاليدها تحت شعارات برَّاقة يؤدي تطبيقها إلى تمزيق المجتمعات، كما هو واقع الآن في الكثير من المجتمعات بما فيها الولايات الأمريكية. وإذا كان الغرب يرغب حقاً في كسب عقول وقلوب الشعوب العربية، فعليه أن يُراجع سياسته الحالية، ويُعيد تنظيم أولوياته عبر مساعدة الدول على إنماء بلدانها ومحاربة الفساد وإعلاء كلمة القانون، لا بالسعي إلى هدم كل ما هو قائم تحت شعار: «حقوق الإنسان»، وكذلك «الفوضى الخلاقة»، حيث لا تخلق الفوضى سوى فوضى متواصلة.
تتعرض دول أوبك، ومنها الدول العربية، لضغوط متزايدة من الدول الغربية لأخذ مبادرات تستهدف جعل وصول الصين إلى البترول عملية صعبة وأكثر تعقيداً مما هي عليه الآن. وتسعى واشنطن إلى تقليص ما تكسبه روسيا من مبيعات بترولها، وتدرس واشنطن ولندن إقامة كيان للدول المستوردة للبترول يُمكِّنها من التأثير على أسعاره، وكذلك كيفية جعل شركات التأمين تفرض رسوماً تؤدي إلى تقليص مكاسب بيع البترول الروسي، الأمر الذي سيُؤثِّر بشكلٍ كبير على مبيعات البترول للصين والهند، اللذين يسعيان ليكونا أكبر مشترين مستقبلاً للبترول الروسي. وفي نفس الوقت ستتأثر دول أوبك الأخرى من نظام التأمين الجديد على البترول ما لم يتم استثناء المنتجين، غير روسيا، من النظام أو التسعيرة الجديدة.
حرب أوكرانيا تستهدف الصين إلى جانب روسيا، وهذا أمر واضح من التصريحات التي يطلقها الغرب بما يتعلق بالعلاقة بين الصين وروسيا، وكذلك بين الصين وتايوان. ويدخل الغرب في حملته الجديدة على منافسيه في مغامرة تؤدي إلى أعمال عسكرية خطيرة، وتُهدِّد بتقليص الدور الصيني الاقتصادي في تخفيف الصعوبات في بلاد تنشط الصين تجارياً فيها بآسيا وإفريقيا. كما أن التنافس المتصاعد عبر التصريحات النارية يمكن أن يجر أكثر من بلد إلى حرب لا يرغب فيها أحد في الوقت الحاضر.
وليس من السهل أن يشن الغرب حملات إعلامية على الصين، فتلتزم الدول المصنفة بعالم ثالث، ومنهم العرب، بما يقول به الغربيون. خاصة أن الصين تُركِّز على التعاون في المجال الاقتصادي، والمساعدة في التنمية بدون الدخول في القضايا السياسية الخارجية والداخلية للدول الأخرى، بعد أن أسقطت الصين من سياستها الخارجية أي دعوة إلى الشيوعية، وفي المقابل تسعى أوروبا والولايات المتحدة إلى تغيير السياسات الداخلية لكل بلد ومجتمعاتها وقيمها وتقاليدها تحت شعارات برَّاقة يؤدي تطبيقها إلى تمزيق المجتمعات، كما هو واقع الآن في الكثير من المجتمعات بما فيها الولايات الأمريكية. وإذا كان الغرب يرغب حقاً في كسب عقول وقلوب الشعوب العربية، فعليه أن يُراجع سياسته الحالية، ويُعيد تنظيم أولوياته عبر مساعدة الدول على إنماء بلدانها ومحاربة الفساد وإعلاء كلمة القانون، لا بالسعي إلى هدم كل ما هو قائم تحت شعار: «حقوق الإنسان»، وكذلك «الفوضى الخلاقة»، حيث لا تخلق الفوضى سوى فوضى متواصلة.