في ديسمبر من العام 1988م، وأنا طالب في جامعة ويلز، صادف أن كان عيد الميلاد، وعادةً تعطى إجازة للطلبة في فترة الأعياد.. أقترح عليَّ أحد زملائي في الجامعة انتهاز فرصة الإجازة والذهاب إلى مدينة مربلة بإسبانيا، والتجول في مدن الساحل وجبل طارق.. راقت لي الفكرة وحزمت أمتعتي وقطعت تذاكري مع الأهل والأبناء.. كانت الرحلة عن طريق مطار بيرمنجهام واستغرقت مدة ساعتين ونصف.. وصلنا إلى مدينة ملقا الإسبانية وقمت باستئجار مركبة وانطلقنا إلى مدينة فانغرولا، قضينا الليلة الأولى في هذه المدينة الساحلية الجميلة، في صباح اليوم التالي، كانت وجهتنا إلى مدينة (مربلة)، في الطريق كنا نبحث عن مطعم لتناول وجبة الغذاء، وإذا بنا أمام مطعم لبناني (علي بابا)، في الحال قمنا بركن المركبة في مواقف المطعم على الشارع الرئيسي المؤدي إلى جنوب إسبانيا (طريق الساحل).. يقع المطعم في الدور الأول من المبنى وعند ذهابنا قدر الله أن أخذت معي حقيبة اليد والتي بها أهم أغراض الرحلة -النقود وتذاكر الطيران وكروت الائتمان- وتركنا بقية الحقائب المملوءة بالملابس في المركبة.
بعد الانتهاء من تناول وجبة الغداء، وعند خروجنا من المطعم وجدنا المركبة وقد سرق كل ما بها من حقائب.. قمت بتسجيل الحالة وتعاطف معي صاحب المطعم وقام بمرافقتنا لمركز الشرطة الذي لا يبعد كثيراً -في قمة جبل مطل على المدينة-، المهم عند وصولنا كان المركز يعج بالسياح الأجانب الذين تعرضوا للسرقة، عندها ذكرت لمرافقنا -صاحب المطعم- أريد ورقة إثبات حالة فقط لتقديمها للشركة صاحبة المركبة.. تم إعطائي مركبة أخرى وانطلقنا إلى ماربيا وشاء الله أن ننزل في منتجع أمام -مسجد الملك عبدالعزيز في مربلة-، تملكه مستثمرة بريطانية؛ عند نزولنا لاحظت السيدة مالكة المنتجع أننا بدون حقائب وعلى الفور أدركت أننا تعرضنا للسرقة، وعند تقديم الجوازات علمت أني طالب قادم من بريطانيا.. تعاطفت معنا تلك السيدة العظيمة وقامت بإعطائنا غرفة عائلية مع الوجبات الثلاثة وبتخفيض قدره 80%، مع عرض لتحويل مبلغ الفندق لحسابها بعد العودة لبريطانيا.
كان هذا بفضل الله ثم دعاء والدتي الحبيبة التي كانت تردده دائماً -الله يجعل لك في كل طريق رفيق- وقد كان.. قضينا أسبوعًا في الساحل الإسباني وكان من أجمل الرحلات، بعدها عدنا أدراجنا إلى بريطانيا. الغريب أن إحدى الحقائب التي سُرِقَت، كان بداخلها المصحف الكريم وبعض الملابس غالية الثمن، بعد عودتي تلقيت اتصال من البريد وأنا في الجامعة يخبرني بوجود حقيبة بها عنواني البريدي.. لم أصدق ذلك ولم أتجاوب وانهمكت في الدراسة، تم الاتصال بي أكثر من مرة، عند ذهابي للبريد وجدت الحقيبة التي بها المصحف الكريم، وكنت والأهل في حالة ذهول.. هذا ما حصل أترككم معه بدون تعليق!!