ثمانون عاماً من العلاقات الراسخة، تجاوز خلالها البلدان الكثير من الأحداث الصعبة، واختلفت الرؤى والمواقف أحيانًا، ومع ذلك تجاوز السعوديون والأمريكيون هذه العقبات وأصبح ما بينهما أكثر عُمقاً ورسوخاً..
لكننا اليوم ولأسباب عدّة أهمها الانفلات الإعلامي وصراع القوى الدولية وتفشي الشعبوية اليسارية أصبحنا نواجه خطاباً أمريكياً يرى في الحُلفاء التاريخيين شيئاً يمكن تجاوزه!
حاول الرئيس بايدن السير بهذا الاتجاه، وتمسكت السعودية بالحلف التاريخي والتأكيد على أن الرابط الأساس هو الدولة الأمريكية بعمقها الذي يتشكل من طبقة إدارية تنفيذية هي المُوَجِهْ والمُحافظ على مصالح البلدين..
وبعد تلبية الرئيس بايدن لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، علا صوت إعلام اليسار وداعميه، مُذكرين بايدن بأحاديثه السابقة، ويبدو أنه وتحت ضغط هذا الإعلام كتب مقالاً يُبرر ويشرح سبب زيارته للمملكة!
لكن السؤال الحقيقي هو.. لماذا ستستقبل السعودية الرئيس الأمريكي بايدن!؟
ستستقبل السعودية الرئيس بايدن ليرى لا ليسمع، إيماناً بالمثل العربي الشهير بأن من رأى ليس كمن سمع، وعليه سيرى بايدن سعودية جديدة، شبابها وشاباتها مُتحفزون لكل جديد، قوانين وتشريعات جعلت الوطن يُحلق بجناحيه، المرأة والرجل، كلاهما أصبح شريكاً في البناء..
وسيُحدثه السعوديون طويلاً عن حقوق الإنسان، خاصة عن مرحلة جائحة كورونا عندما نزعت بعض دول الغرب «المُتحضر» أقنعة الأوكسجين من المُسنين وجعلتهم يموتون بكل وحشية، وكيف كانت الأوامر الملكية تصدر تباعاً في السعودية لتضمن حق العلاج المجاني للمواطن والمُقيم وحتى مُخالفي الإقامة النظامية..
وقد يتم إعلامه بأن للسعودية ممثل في اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان، وأن السعودية في التصنيفات الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر، وما يخص التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة والطفل، تم تعديل الكثير منها لتتواءم مع المرحلة التي نعيشها ومع القوانين الدولية، وبما يُحقق لإنسان المملكة حياةً كريمة..
سيُدرك الرئيس بايدن واقعاً لا يمكن تجاوزه، وهو أن السعودية هي صمام الأمان للمنطقة والعالم، نحن أمام تمدد شرقي تجاه الغرب وانحسار للدور الأوروبي، وأمريكا تعرف جيداً أن السعودية لديها إمكانات تجعلها الوحيدة القادرة على خلق توازن أمام هذا التمدد، من مُنطلق قيادة المملكة للأمة العربية والإسلامية ومن موقع إستراتيجي وقُدرات اقتصادية ضخمة..
مكافحة الإرهاب، ومواجهة المشروع النووي الإيراني، والتمدد الشيوعي سابقاً، ودعم الاقتصاد العالمي بخلق توازن في سوق النفط، وغيرها الكثير من الملفات التي سيرى من خلالها الرئيس بايدن أهمية السعودية ومكانتها وأنها لا تأخذ شيئاً بلا مُقابل..
سيتم توضيح الكثير من الأشياء التي قد تخفى على سيادته، ويتم تجاوز الكثير من الخطابات والمقالات التي كانت تُحاول شيطنة السعودية..
كما للرئيس بايدن أهداف ورؤى وأُمنيات يُريد تحقيقها مع السعوديين، هم لديهم بلا شك مطالب وأهداف وغايات يجب تحقيقها، خاصة في مجال مواجهة التمدد الإيراني ومشروع طهران النووي وتطوير منظومة الأسلحة الهجومية في المملكة لخلق توازن وتوفير عامل ردع..
أخيراً..
سيستقبل السعوديون الرئيس بايدن بكُل حفاوة وكرم، وسيتم تصحيح مسار العلاقة بين الحُلفاء، وبما يُحقق للشعبين الصديقين وافر الرخاء والازدهار..