.. مهندس متقاعد، واسع الاطلاع، ومثقف جدًا، ومولع بالنظريات التطويرية والتحولات الرقمية، وهذا سبب له الكثير من المتاعب مع الإدارات البيروقراطية في ذلك الوقت..
يقول: كنت أعمل في إدارة مركزية رئيسية، بها مجموعة من الإدارات، ويتبعنا عدد من الفروع داخل المدينة، ولا يوجد لدينا إلا مراسل مكتبي واحد اسمه «مطر»، اتعبناه واتعبنا.. (روح يا مطر، تعال يا مطر، خذ هذه المعاملة يا مطر، وتعال بتلك المعاملة يا مطر).
ومطر المسكين حفيت أقدامه وهو يشيل ويحط في أوراقه، ويتنقل من مكتب إلى آخر...!!
****
.. هذا المشهد في ذلك الوقت أوحى لي (بالتعاملات الإلكترونية) أسرع وأدق وخلاص من وجع الرأس..
أحضرت مؤسسات تقنية متخصصة، وأعددت دراسة متكاملة (تقنيًا وإداريًا وماليًا)، وأصبح لدينا مشروع قدمناه في عرض مرئي في اجتماع عام للإدارات والقيادات..
اعجبوا به جميعًا وبفكرته، لكن المدير العام الذي كان غارقًا في التقليدية والبيروقراطية، كان سؤاله الوحيد: (كم يكلف المشروع؟)!.
ورغم أن التكلفة كانت بسيطة في ذلك الوقت، إلا أنه أمال رأسه على مساعده وقال: (خله يضف أوراقه).
وضفيت أوراقي وعدنا إلى سالفة (مطر)...!!
****
.. اليوم والحمد لله اختفى وجه مطر، في تحول رقمي مذهل، طال كل أجهزة الدولة ومناحي الحياة، بـ(ضغطة زر) تقضي خدمة، وتجري عملية، وتتابع متطلباتك، وأنت جالس في بيتك تحتسي فنجان قهوة...!!
****
.. حتى وزارة العدل التي كنت أحسبها قلعة بيروقراطية يصعب اختراقها ضربت أنموذجًا رائعًا في التعاملات الإلكترونية، تجد القاضي على جهازه، وعند كاتب العدل تخرج صكًا قبل أن تخرج من مكتبه.. و(ابشر) في ذاتها قصة عالمية، وقس على ذلك كل المنصات.
إننا نعيش دولة عصرية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى...
****
.. قبل الحج كنت في زيارة لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة مكة المكرمة، وجدت أن الأخوان (لم يضفوا أوراقهم) بعد، ورأيت المعاملات الورقية والتعاملات البيروقراطية لازالت تدب بين أروقة المكاتب، ورأيت ملامح من وجه مطر...!!
****
.. واندهشت أن يكون هذا المشهد بعد كل هذه التحولات، ومع وجود وزير قدير ونشط كـ(آل الشيخ)، ولعلها مسألة وقت وأتمنى أن يكون التغيير قادماً... ****
. آخر سطر:
أحيانا تغيير العقليات أشق وأصعب من تغيير الآليات...!!