لعل الطلب الذي تغيَّر على النفط، والأوضاع الجيوسياسية، أسهم في وجود فرصة مهمة للسعودية أُتيحت لها مرةً أخرى. فالمملكة لديها خطة واضحة المعالم، وهدف جلي من خلال رؤية ٢٠٣٠، حيث تُركِّز الدولة على إيجاد بديل للاقتصاد الإقطاعي، فالمملكة تريد اقتصاداً يعتمد على قدراتها الإنتاجية، وعلى استمرارية النمو، وهو أمر ممكن، نجحت فيه كثير من الدول، مثل الصين وغيرها كثير.
فالسعودية تُدرك أن الاقتصاد الإقطاعي والاعتماد علي هبات الطبيعة من نفطٍ وغيره، لن يستمر إلى الأبد، ولابد من وجود البديل له، حتى تستمر الرفاهية الاقتصادية، والقدرة على تحقيق الدخل، والتركيز الآن أصبح على الإمكانيات المتوفرة فيها، والتي تُعطيها ميزة نسبية على ما عداها. ولاشك أن الألف خطوة تبدأ بخطوة واحدة، وهي الصناعات العسكرية التي كانت نقطة تركيز وهدفاً واضحاً للدولة، كما تم التشجيع على دعم الصناعة المحلية وتنميتها، من خلال إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، بدءاً من شركات الشراء الموحد لاحتياجات الدولة، وعلى رأسها الدواء، إلى المحتوى المحلي وتنميته في الصناعة، ودعمها وتشجيعها، فالخطوات التي اتخذت كانت من باب إدراك أهمية تنمية وتشجيع الصناعة والزراعة، وأدوات الإنتاج المحلي، ولا يكون ذلك إلا بالرعاية اللصيقة لها، والتأكُّد من سلامة المنافسة وقدرتها على الاستمرار في سوق مستهدف عالمياً، لحجم وقيمة مشترواته، الذي يدعم أهمية التخطيط وحماية المنتج المحلي في أسواقٍ عالمية فقدت ما بُني من عقود، لضمان المنافسة الحرة في السنوات الأخيرة، وخاصة سنوات الجائحة، وتخلِّي بعض الدول عن حماية المستهلك، إلى حماية إنتاجها الاقتصادي المحلي، ولأول مرة تستخدم الدول استثماراتها وصناديقها لدعم الاقتصاد المحلي وتنميته، وتعبئة الفراغ بها، ولأول مرة تنتهج السعودية منهجاً تُطبِّقه الدول المتقدمة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، لتحفيز المنتجين في الإنتاج المحلي، كما بدأت في الاستفادة من الموارد البشرية المحلية، ومن خلال الجامعات، وتحويلها إلى مصادر تنمية اقتصادية، فالمملكة تمتلك مجموعة كبيرة من الجامعات والخريجين من مختلف دول العالم، ليكونوا قوة اقتصادية مستقبلية مُوجَّهة لتحقيق المنفعة الاقتصادية.