التاريخ يكتبه الرواة عبر الزمن وتصل لنا سير العظماء في الكتب والمخطوطات ونأخذ منها العظة والعبر ونستلهم من قصص العظماء نورًا نهتدي به ومنهجًا نسير عليه ونردد بكل فخر واعتزاز أسماء حفرت في الذاكرة للأجيال، أعتقد جازمة أن جيل اليوم لا يبحث كثيرًا في الكتب ولا المراجع والمخطوطات وستنتهي مع الثورات التقنية رحلة الشغف باقتناء كتب التاريخ وستكتفي الأجيال الجديدة والمستقبلية بما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي المبهرة والمتطورة والتي أصبحت بالنسبة لنا جميعًا كالهواء الذي نتنفس منذ اللحظات الأولى التي نستقبل فيها يومًا جديدًا وحتى الخلود للنوم مرة أخرى.
قبل أيام أرسلت لي صديقتي العزيزة -فاديا زيدان- عبر أحد هذه التطبيقات خبرًا أسعدني كثيرًا يتعلق بتكريم خاص لعميد المدربين السعوديين القدير خليل إبراهيم الزياني والذي بدوره رفع شكره لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لهذه اللفتة الأبوية الحانية وهذا التقدير من أمانة مدينة الدمام وتسمية أحد الشوارع فيها باسمه تكريمًا له وهو الذي قدم للوطن أجمل وأروع الإنجازات الرياضية الوطنية التي خلدت في ذاكرة السعوديين، فمعه عرفنا الفرحة الحقيقية بوصولنا لمنصات التتويج، وحقق المنتخب بقيادته أول كأس أمم آسيا عام 1984م في سنغافورة واستمر الأخضر حتى عام 1986م.. وكذلك التأهل لأولمبياد لوس انجلوس الأمريكية.. وتاريخ حافل من المنجزات مع الاتفاق والقادسية والنهضة والهلال وختم حياته الكروية في بداية الألفية الثانية ليصبح ضمن اللجنة الفنية ولجنة المنتخبات باتحاد الكرة السعودي ثم محاضرًا بالاتحاد الآسيوي وعضوًا باللجنة الفنية به.
ما أجمل هذا التكريم وصاحبه حي يرزق بيننا يفرح بهذا التقدير في حياته وتلك والله تحسب لأمانة مدينة الدمام التي اهتمت ورفعت الأمر لصاحب القرار وعجلت بإدخال الفرح والسرور لمن كان سببًا في سعادة الملايين وتتويج يليق بالمنتخب السعودي وباسم الوطن فتحية تقدير واحترام لمن يعملون على ادخال السرور والفرح ويعملون بروح وطنية تسعدنا جميعًا وتحقق معايير جودة الحياة السعودية وترفع من مؤشرات السعادة التي ترصد سنويًا من قبل منظمات وهيئات عالمية ودولية تعترف بلغة الأرقام. ومن هذا المنبر وباسم المدينة المنورة وأهلها وباسم المرأة المدنية في زمن تمكين المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده أخط كلماتي هذه لتصل لصانع القرار ويتم النظر من قبل أمانة المدينة في تسمية أحد الشوارع بأسماء النساء الرائدات في التعليم وخدمة المجتمع المدني وهن والله لهن قدرهن ومكانتهن العلمية والاجتماعية ونريد للأجيال أن تردد سيرتهن العطرة في المجالس وأريد أن أسير في الطرقات ومعي بنات الجيل الجديد من الفتيات لتسألني احداهن من هي السيدة زينب مغربل؟ أو السيدة شرف علمي؟ أو الأستاذة عبيدة الأيوبي؟ أو الأستاذة نورة الخريجي؟ أو الأستاذة وداد خليفة؟ ومن هي الدكتورة ثريا عبيد؟ ومن هي الدكتورة سهيلة زين العابدين؟ ليكون محور حديثنا عنهن ونحتفل بمنجزاتهن الحقيقية بعيدًا عن عالم المشاهير والاعلانات اللاتي سيطرن على تفكيرهن وأصبحن هن القدوات في زمن تبدلت فيه القيم والمعايير، كم أتمنى أن أرى ذلك عاجلا يا أمانة المدينة فهؤلاء النساء وغيرهن سيرتهن تسطر بماء الذهب، وسيختفي جيلي ولن يعرف جيل اليوم من هن وماذا قدمن للمجتمع وللوطن فهل ستجد كلماتي لها صدى لدى المسؤول ويلبي هذا المطلب الوطني لنؤكد على أهمية دور المرأة وأننا أهل لتقديرها وتكريمها بما يليق بها، وكم أتمنى أن نحتفل في اليوم العالمي للمرأة القادم بالمدينة المنورة في متحف خاص تدعمه أمانة المدينة يتضمن السير العطرة لنساء المدينة في كل المجالات.
العام الماضي أكرمني الله بجمع سيرة مئة سيدة لتكريمهن برعاية حرم سمو أمير المنطقة -حفظها الله- وكانت أصداء هذا التكريم تفوق كل التوقعات، كان المجتمع المدني متعطشًا لمثل هذه الفعاليات وهذا التقدير والتكريم للمرأة في المدينة المنورة، وقبله بفترة قصيرة زرت جناح تمكين المرأة في اكسبو 2020 في دبي، وكم كانت سعادتي غامرة وأنا أرى سيرة مختصرة لسيدة الأعمال السعودية لبنى العليان بين كل نساء العالم يتصدر اسمها القائمة من الأكثر تأثيرًا في عالم الاقتصاد.. الوطن يعيش على ثراه الكثير من المخلصين والمخلصات من المبدعين والمبدعات، لابد أن نقول لهم شكرًا ولابد أن نسلط الضوء عليهم ليكونوا نبراسًا يحتذى به على مر الأيام ولكل الأجيال.
شكر خاص للأستاذ القدير سعود عبدالغني المهتم بتاريخ المدينة وأهلها والذي يختار شخصية نسائية مدنيّة من كتابي (تمكين المرأة السعودية بإرادة ملكية - المرأة المدنية أنموذجا) كل أسبوع يتحدث عنها بالمختصر في حسابه عبر تويتر ليكون كتابي مرجعًا له وهذا والله شرف عظيم ولفتة منه تستحق الشكر والتقدير.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
