عام جديد وتفاؤل متجدد

مع دخول السنة الهجريَّة 1444، يتجدَّد الأمل في أن يقترن دخولها بتحقيق الآمال والأمنيات، وعموم الأمن والأمان والخير والسعادة والهناء على أهالينا، ومن يشاركوننا الحياة الكريمة فوق كوكب الأرض، متجاوزين ما حولنا وقربنا من فتن واضطرابات يوقدها مَن (فِى قُلُوبِهِم مَرَضٌ)، خدمة لقوى الشرِّ والعدوان، وللحاسدين والموتورين، ومتحصِّنين من هؤلاء الذين ينطيق عليهم وعده تعالى في محكم التنزيل: «فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ». ومن قبيل (تفاءلوا بالخير تجدوه)، توقَّعوا الأجمل الذي سيأتي بإذن الله.. والله يعدكم -ولا يخلف عهده- مغفرة منه وفضلًا.. وما أجمل العيش مع فسحة الأمل، أمل لا يعدو كونه وجهة نظر في الحياة، تبقي صاحبه ينظر إلى العالم بإيجابيَّة، وبحالاتِ تفاؤل نظيرالتشاؤم.. وتنمُّ عن شعور عاطفي يفرح صاحبه، ويرجو فيه خيرًا وفلاحًا لحوادث الدهر أو تقلُّباته حتى وإن كانت صعبة المنال، أو مستحيلة الحدوث.. وما على الله بمعجز أو عسيرٍ. وأنهي بخير ما يبدأ به القول الحميد ويختم: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ».. وكلَّ عامٍ بلدنا وأهلنا وجميع من جعل الله حسبه ومولاه بخيرٍ وسؤددٍ وبركاتِ.

لغة الأجداد رفع الله لواها

لغتنا العربيَّة هي الأكثر كلمات، والأكثر مترادفات، والأقدر على استنباط مصطلحات استحدثت، وتعريبها من لغات أُخرى.. وربَّما الوحيدة بين اللغات التي تنفرد كلمة (فعل) فيها بالاشتقاق والتصريف والإدغام والقلب والحذف.. فمن ثمانية وعشرين حرفًا، اشتقت كلماتها التي تتجاوز مليونًا ومئتي ألف.. ولكلِّ حرف فيها منفردًا أو مجتمعًا مع آخر جمال في الحركة والتعبير.. فحرف (الألف) مثلًا، للانتباه.. و(الياء) للنداء.. وحرف (الحاء) إذا اجتمع مع (الباء) يشكِّلان بضمِّ (الحاء)، كلمة (حُب)، من أنبل المشاعر والأحاسيس ممَّا منَّ الله بها على عباده، فخلق لنا من أنفسنا أزواجًا لنسكن إليها، وننجب البنين والبنات لإعمار الكون.. ومن يجرِّد قلبه وعاطفته من هذه الكلمة، تزول عنه نعم الله، فتنقلب إلى (بح) نقيضها، أي صفر اليدين.. أمَّا بفتح (الحاء)، فكلمة (حَب)، من أساسيَّات الحياة، وبقاء الإنسان.. وجمعها، يعني (الحبوب) التي تنبت الأرض كالقمح والشعير والأرزِّ والبقول عامَّة لقوام حياتنا بالغذاء.. واجتماع حرفي (السين والراء)، تنتقل الصورة من (السير) حركة بدنيَّة إلى أُخرى عاطفيَّة؛ (سِر وسرور)، ثمَّ تتحوَّل إلى سراب، كمتاع الغرور.. وباجتماع حرفي (الجيم) و(النون)، يتعدَّد الاشتقاق، من مخلوقات (الجن) إلى (الجنَّة) مقر النعيم في ملكوت السماء.. واجتماع (الجيم) وحرف (اللام)، فخير ما يعظَّم به الله (جلَّ جلاله)، ويتعدَّد الاشتقاق والمعاني منهما فالله (الواحد الأحد) و(الواحد القهار) وله (الحمد والشكر).

ممَّا تقدَّم، وسواه الكثير الكثير حريٌّ بنا أن نعضَّ عليها بالنواجذ، ونبقيها حيَّة لأبنائنا وأحفادنا، والأُولى قراءة وكتابة وتعليمًا ونشرًا بين الأُمم والشعوب التي نشترك معها فوق كوكب الأرض، ووضع حدٍّ للمستعمرين الذين يجهدون لإلغاء هويَّتنا العربيَّة الإسلاميَّة، والقضاء على تراثنا وثقاتنا ببعثاتهم التبشيريَّة لجعل لغتهم الغربيَّة لغة التخاطب والتعليم.. وما أحرى جامعاتنا ومراكز الأبحاث اقتفاء أثر سوريا التي عرَّبت الطبَّ.. واليابان التي تترجم مباشرة إلى لغتها كلَّ ما يصدر من دور النشر في العالم من كتب ودراسات، ليقف القارئ في اليابان على أحدث منجزات الشعوب الأُخرى في العلوم والآداب والفنون.