نشاهد الآن الأيام الأخيرة لرقصة واشنطن وطهران في فيينا، سعياً للعودة إلى اتفاقية (أوباما) النووية مع إيران. اللوبي الإيراني في واشنطن سيكون سعيداً بتحقيق هدفه، والوصول إلى اتفاق مع إيران في مسيرة يأملون أن يحققوا خلالها (فوضى)، حسب برنامجهم في العالم العربي ومنطقة الخليج، بما في ذلك داخل صديقتهم إيران.
فقادة إيران من الملالي سعيدون بأن يجدوا لأنفسهم أصدقاء يُحاربون عنهم في كواليس السياسة الأمريكية، ولكنهم يتغافلون عن أن مَن يعمل لمصلحتهم الآن، من الأمريكيين والأوروبيين، لن يكونوا حلفاء لهم، بل يستخدمون قضيتهم لمصالحهم الخاصة. فسياسات نظام طهران الديني تنتمي إلى عصر سالف، وليس لدى النظام ما يُعطيه لشعوب المنطقة. ويقول كريم سجادبور، باحث أمريكي من أصل إيراني في مؤسسة كارنيجي: «... البلدان حيث تمارس إيران تأثيراً فيها «سوريا ولبنان والعراق واليمن» هي دول فاشلة.. ليس للوجود الإيراني في المنطقة قيمة إنقاذية تُذْكَر للمجتمعات، حيث تمارس إيران نفوذها. وفيما يشبه إلى حدٍّ كبير ما حدث في العقود الأخيرة للاتحاد السوفيتي، أكثر المعجبين (بمحور المقاومة) الإيراني هم أولئك الذين لا يعيشون في ظله».
رحلة بايدن، الرئيس الأمريكي، الأخيرة إلى جدة، أعادت بعض التوازن فيما بين أحلام اليسار الأمريكي المتطرف، والواقع العملي، وربما إلى حين. ولكنه توازن أعاد الثقة بأن واشنطن لن تتخلى عن مصالحها بنفس الشكل الذي بشَّر به اليسار الأمريكي المتطرف، وأن إسرائيل لن تكون قادرة لوحدها على ضمان هذه المصالح.
وفي نفس الوقت أدت الزيارة إلى توقف وإبطاء مسار بعض الدول العربية نحو التعاون العسكري والإستراتيجي مع روسيا والصين، والذي تسارع في ظل الإعلان الأمريكي السابق عن تخليه عن التعاون مع العرب، ووقف دعمهم بالسلاح والعتاد.
وعلى العرب الآن التوجه نحو إعادة بناء اقتصادياتهم، والتكاتف في هذا المجال، وهي أمور طال الصراخ العربي مطالباً بتحقيقها، في أكثر قمم جامعة الدول العربية، ولكن لم يتحقق الكثير منها.
ومن حسن الحظ أن النظام السعودي وعلى رأسه سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الشاب النشيط الطموح محمد بن سلمان، انطلق في تنفيذ رؤية 2030 الإستراتيجية، والتي تشمل مختلف الأمور المتعلقة بحياة المواطن، وتشمل المأكل والملبس، والرخاء والتعليم، ووضع خطط تطوير طموحة تؤدي إلى تنمية الإنسان السعودي، وتوسيع الاقتصاد، لتحقيق نمواً كبيراً بسواعد الشباب.
وهذا أمر يجب أن يصيب البلدان العربية بالعدوى، بحيث يتم تنفيذ برامج مشابهة. وبالفعل يتم تنفيذ برامج تنموية في أكثر من عاصمة عربية بقيادة واعية لمتطلبات هذه المرحلة.
وحتى تكون لهذه البرامج التنموية مفعولاً أقوى، مطلوب تعاون الدول (الراغبة والقادرة)، ودمج أحلامها مع بعض، وتكوين كيان جديد خارج إطار الكيانات العربية والإقليمية التي تحد من اتخاذ القرار وتنفيذه، حيث إن إصلاح القائم من هذه الكيانات، سيكون أصعب، ويستغرق وقتاً أطول مع باقي مكونات الكيان.
في حين أن المطلوب الآن إنشاء كيان يتفق المؤسسون له على توحيد جهودهم، وبناء أوطانهم، بالاستعانة ببعضهم البعض، وتسن له قوانين وأنظمة تُسهِّل عمله، وتطلق تنفيذ العديد من الأمور التي يُتَّفق عليها. ومتى ما حقق هذا الكيان النجاح، فإن آخرين سوف يسعون للالتحاق به.
الحروب العالمية والإقليمية السابقة؛ خلفت حدوداً لدول لم تكن قائمة، ولشعوب لم تكن متآلفة، وأكثرت من عدد الدول والدويلات.
ومن الأفضل للعرب، في الوقت الحاضر، القبول بما هو قائم من الكيانات، ودعم قواعد الاقتصاد لكل منها، ورفع شأن المواطن في كل كيان منها، والتعاون فيما بين الكيانات الناجحة؛ لتحقيق المزيد من النجاح، وتقليص حساسية التعامل فيما بين القادة من كل كيان، والقبول بالجيد للجميع.
وذلك بوضع القواعد والقوانين الملزمة في ظل الشفافية والصدق. الأمر الذي سيؤدي إلى تقليص فرص المخربين -بما فيهم الجيران المشاغبين- في تمزيق اللحمة العربية.
الرقصة النووية الإيرانية - الأمريكية في فيينا.. تقارب نهايتها
تاريخ النشر: 08 أغسطس 2022 19:52 KSA
A A