من أجل الحفاظ على مزاجك، وصيانة عزلتك، وحماية خصوصيتك، يجب أن تكون واعياً بطباع من حولك، وتتعلّم فنّ التعامل الأمثل معهم، وللأسف، عليك أن تكون بغيضاً أحيانًا.. إذ من غير الحكمةِ أن تكون لطيفاً على الدّوام أو مع جميع الناس.. البشرُ بطبعهم مُستغلّون ولا يقفون عند حدٍّ.
إن كنتَ ترى نفسك إنساناً طيّباً، فلا تتحمّس دوماً للتعامل بتلقائيّتك المعهودةِ، وبحسن ظنّك المُفرط.. معظمُ الناس لا يمتلكون نفوساً تُقدِّر تلك الجماليات والبساطة وعدم التكلّف، يقول الدكتور (أحمد خالد توفيق):
«لم يحدث أن أصابني ضررٌ في المرّات التي تصرّفتُ فيها كشخصٍ بغيض.. وحدها المرّات التي كنتُ فيها شخصاً لطيفاً هي التي ضرّتني».
بالطّبع، هذه ليست دعوة للعدوانيةِ والإساءة والتطاول على الآخرين، فمِن مَكارم الأخلاق الصبر على مخالطةِ الناس وتحمّل أذاهم، والدّفع بالتي هي أحسن، لكن في أحيان كثيرة، يصل بك الأمر إلى حدّ تعرّضك للضرر، واستنفاد حيويّتك، والإساءة إليك من غير وجه حق، إنّ بعضهم يستغلّ أجمل صفاتك وطباعك، ويستخدمها ضدّك لاستنزافك نفسياً، وابتزازك عاطفيّاً، وعند ذلك، التجاهل وحده لا يكفي.. من حقّك أن تُصبح بغيضاً وحادًّا أحيانًا!.
وفي وظيفتك، ليس من الحكمة أن تحاول لعب دور البطولة، وتصل بنفسك إلى الاحتراق الوظيفي، وترضى بالغُبن الإداري، فمعظمهم لا يهتمُّون حقّاً إن أصبحتَ بصبرك وتهميشك وابتلاعك الضيم، موظّفاً مثالياً أو كفاءةً مُخلصة، وفي الغالب، لن تحصلَ على تقديرٍ معنوي أو ماليّ مُعتبر جراء ذلك، بل يمكن الاستغناء عنك أو تعطيل ترقيتك، وتكليفك فوق ما تطيق، فارفق بنفسك، وخذ الأمر بهدوءٍ ورويّة، وتعلّم فنّ الرّفض، من غير ضررٍ ولا ضرار.
العطاء المُفرط دون انضباطٍ وحكمة، قد يجعلك لاحقاً تدفع الثمن باهظاً من مزاجك وأموالك، وأوقات راحتك.. تعلّم أن تقول «لا»، ولا تحرص على التبرير، فهو -غالبا- يضعك تلقائياً في موقف المُدافع الضعيف.. دعهم يضيعون في ظنونهم ويتخبّطون في تفسيراتهم.. لا تهتم.. لا تبرّر.. إنّه فخ!.
يقول الأديب (نجيب محفوظ): «أنتَ تعتقد أنّك إذا فعلتَ فوق اللازم ستنالُ التقدير، ولكن الحقيقة التي ستفاجئك هي أنّك ستتعرضُ للاستغلال بدون شفَقة».