إذا علمنا بأن بلادنا من أكثر الدول في منطقة الشرق الأوسط التي ترتفع بها أعداد مستخدمي الشبكة العنكبوتية، فليس عجباً أن تشهد الحراك التقني الفعَّال في الوسط الحكومي والأهلي، ويقود هذا الحراك مؤسسات إبداعية، مثل الجامعات، وأودية التقنيات، وبالتواصل مع كبرى الشركات العالمية.
وتشهد المملكة خطوات مُقدَّرة في الذَّكاء الاصطناعي والتحوُّل الرقمي، تقودها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، وتشارك المملكة في هذا السباق بعض الدول العربية ومنها الإمارات.
وفي الدراسة البحثية الاستطلاعية التي أجراها سلطان الكعبي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة استشراف المستقبل في أبوظبي، وفي تقريره المعلن قبل ثلاث سنوات، وهو مقتبس من تقرير خبير الاستشراف (توماس فري)، أكَّد فيه أن الوظائف القائمة حالياً سيختفي العديد منها في المستقبل، الأمر الذي استدعى طرح تساؤلات عديدة عمَّا إذا كان في وسعنا توفير البدائل لملايين البشر، وعمَّا إذا كانت الروبوتات ستسيطر تماماً على المشهد المستقبلي!.
هذه الفرضيات والمخاوف هي ضربٌ من الخيال، إلَّا أنها وبكل أسفٍ تسيطر على مانشيتات الصحف، وحتى على بعض النقاشات.
شهد الأسبوع الماضي حواراً عبر شبكات التواصل، ولا سيما الواتساب، عن التغييرات التي ستحدث في العالم في المستقبل القريب.
بدون أدنى مراتب الشك، فإن الذكاء الاصطناعي ستكون بصماته واضحة على الصحة، والسيارات الذاتية القيادة والكهربائية، والتعليم والطباعة ثلاثية الأبعاد والزراعة، وبالقيادة الذاتية ستنخفض الحوادث بشكلٍ كبير، وسيختفي نموذج التأمين على السيارات، ستختفي محطات البترول، وورش تصليح السيارات التقليدية، وستُركّب بالشوارع عدادات توزيع الكهرباء للشحن الكهربائي، وبالتالي فلا غرو لو توقَّفت صناعات الفحم وشركات البنزين، وربما يتوقف الحفر والتنقيب عن النفط.
كل ذلك وغيره مما تم الإشارة إليه؛ يجعل العديد من الوظائف اليوم في طور النسيان، وستظهر مسميات جديدة، فإذا أخذنا الروبوتات كمثال، ستكون هناك حاجة إلى مهندس صيانة الروبوتات، مراقب، مبرمج، وكيل سفر للروبوتات، تقني تشغيل، وقِس على ذلك، وفي عالم البيانات، سنحتاج إلى علماء فيها ومحققين ومحللين ومراقبين، وما إلى ذلك.
ويسري التغيير في التوظيف ليشمل طواقم العمل لقيادة الطائرات بدون طيار، خبراء في الصحة الشخصية، وهناك العديد من الأجهزة الطبية لفحص شبكية العين، وعينة من الدم، وتحليل 54 علامة بيولوجية لتحديد المرض، والعديد من التطبيقات الهاتفية التي ستظهر قريباً للأغراض المختلفة، وكما يتردد، فلا عزاء لمن لم يُؤمن بالتكنولوجيا والتحوُّل الرقمي حتى اليوم..!