فجأة نواجه احتمال تحول «سلاح النفط» ومعه الغاز، من يد المنتج إلى يد المستهلك.
إذ قرر الغرب أن الوقت حان لتغيير قواعد التجارة العالمية في الطاقة، وعوضاً عن تحديد السعر بقواعد عالمية معروفة، أعلنت مجموعة السبع الاقتصادية؛ وهي مجموعة تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية، أنها قررت أن تضع سقفاً، وبصورة عاجلة، على سعر النفط الروسي، داعية إلى قيام ائتلاف واسع من الدول والالتحاق به، لفرض هذا الإجراء.
مجموعة السبع تضم دولاً اقتصادية مهمة هي: الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا واليابان. وتُشكِّل تكتلاً اقتصادياً ضخماً، والتقى وزراء ماليتها عبر الإنترنت منذ بضعة أيام ليصدروا بياناً حول هذا الأمر، ولم يُوضّحوا كيف يمكن لهم أن يضعوا السعر الذي يرونه مناسباً، ولكنهم وعدوا بأن سقف الأسعار سيُحدَّد عند مستوى مبني على سلسلة من البيانات الفنية، وسيُقرِّره التحالف بمجمله قبل وضعه موضع التنفيذ.
وتشير التقارير إلى أن التوصل إلى ذلك السعر؛ سيتم إعلانه قبل نهاية هذا العام. وسوف تسعى مجموعة السبع إلى فرض قواعد على شركات الملاحة التي تنقل البترول، وشركات التأمين التي تقوم بالتأمين على الناقلات والبترول الذي تحمله، للالتزام بفرض سعر يؤدي إلى تقليص المبالغ التي تُدفع لروسيا مقابل البترول. ولم يشر بيان مجموعة السبع إلى ما إذا كان (سقف السعر) سيُفرض على بترول روسيا فحسب، أم أن هناك احتمالاً لفرض سقف على سعر البترول بشكل عام (عدد من مجموعة السبع ينتج ويبيع البترول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة).
من الواضح أن هذه السياسة الجديدة تجاه أسعار البترول الروسي، لا تستهدف روسيا فحسب، بل أسعار البترول بشكلٍ عام في السوق العالمي، إذ لن يكون عملياً «فرض سقف لسعر الطاقة من روسيا»، و»عدم فرض ذلك على إنتاج باقي الدول، والشركات العالمية». وسيكون هناك مجال واسع للدول والشركات المنتجة للبترول؛ حشر نفسها من الآن في دوائر صناعة وصياغة التركيبة التي سيتم بها فرض سقف السعر على البترول، وحتى وإن كان الحديث أن المستهدف برميل البترول الروسي وليس غيره. فالمنطق يُحتِّم عدم انتظار نتائج دراسات وتركيبات مجموعة السبع، وإكمال عملية فرض الأمر الواقع على منتجي الطاقة.
وتمكنت الليبرالية العالمية، (خاصة الأمريكية والأوروبية)، من فرض نظرية المناخ المشكوك فيها، وجعلها قاعدة، وليس مجرد نظرية، وأنشأت لها أجهزة وأنظمة أخذ العالم يتقبلها، حتى وإن كان غير مقتنع بها.. وأُتيحت للأجهزة الإعلامية الدولية فرصة خلال الأسابيع الماضية لتضخيم المخاوف من أن شركات الطاقة والدول المنتجة لها كسبت مبالغ ضخمة على حساب المستهلك، خاصةً في الدول الصناعية الكبرى في العالم. ولم يشفع دفاع شركات الطاقة عن أن الأرباح العالية تُشجِّع على استثمارات ضخمة في مجال الطاقة المتجددة؛ التي يسعى لها المجتمع الدولي، وأن عدم وجود أرباح، وعدم قيام المؤسسات المالية بتمويل مشاريع شركات الطاقة، سيؤدي إلى توقُّف هذه الاستثمارات.
وخلال مؤتمر عُقد نهاية الشهر الماضي (أغسطس) لقادة الطاقة الأوروبيين في النرويج، قال «ألون ماسك»، الملياردير الأمريكي المعروف، أن العالم بحاجة إلى المزيد من البترول والغاز، وعليه مواصلة تشغيل محطات الطاقة النووية، وتكلَّم في لقائه مع مديري شركات البترول ومحللي الطاقة والمسؤولين الحكوميين، عن خطأ السياسة الحالية بالتوقف عن دعم استخراج الطاقة، والحد من استخدام الطاقة المتوفرة، لأنه من الأفضل استخراج الطاقة، وتطوير الاستثمار في الطاقة المتجددة في نفس الوقت. وأشار بضرورة العمل على تطوير تكنولوجيا البطاريات، التي تستخدم في السيارات الكهربائية، (يملك الحصة الأكبر في سيارات تسلا الكهربائية)، والتي تستخدم أيضاً في مجالات أخرى، مثل توليد الطاقة من الرياح والشمس وغيرها. وفي بداية هذا الشهر، نشر الدكتور «محمد الصبان»، مستشار سعودي كبير على المستوى الدولي في مجال الطاقة، كتاباً له، يفضح فيه ما يدور من دسائس ضد البترول بحجة تغيُّر المناخ، وهو باللغة الإنكليزية بعنوان: The Blame Game - لعبة اللوم.
ومن المتوقع أن يضيف وجهة نظر جديدة في هذا المجال.