تحتضن تاريخية جدة مسجد الشافعي، الذي يعود تاريخ بنائه إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قبل أكثر من 1300 عام.
وهنا بدأت الذاكرة تستمطر الذكريات، وقوافل الحكايات والروايات، التي نسجت تفاصيل تلك المدينة الجميلة، لرسم لوحة فنية اجتماعية من المنظومة الحياتية لحياة العوائل، التي عاشت بين حاراتها وأماكنها العتيقة، وتشرَّبت من هوائها المعجون بالحب والفطرة، وأبنائها الذين كانوا يلعبون بين أزقتها المتعرجة، ويكتبون فوق جدرانها عبارات تُؤرِّخ ذكرياتهم الطفولية، وكأنهم يُخاطبون الحنين البعيد في صورة قصة حب للتاريخ الذي يتذكرونه الآن، لمن عاشوا تلك الفترة الزمنية، وذلك بعد عودتهم من رحلة لصيد السمك، أو بعد انتهاء دوري لكرة القدم، وقد كانوا يُصمِّمون جدول مبارياتهم في ملاعب لم تكن مهيأة لحركاتهم الرياضية الرشيقة.. وهنا تذكرت استطلاع بديع للعزيز الأستاذ محمد باوزير، نُشر بصحيفة الرياض تحت عنوان: جدة حضارة تمتد لألفي عام، تغزَّل بها الشعراء، وتحدَّث عنها الروائيون، ووُصِفَت بغادة البحر، وعروس الحجاز.. يقول: شكلت مدينة جدة بجمالها الأخَّاذ للمبدع السعودي رافداً مهماً وإلهاماً جميلاً، أوحى له أن يكتب أروع القصص، وأجمل الروايات، وأبلغ القصائد، وذلك بعد أن وقف المبدع أمام سحر شواطئها، وتأمَّل رواشينها، وخالط أهلها، فخرج بجملةٍ من الأعمال في فنون الأدب، وتباينت هذه النصوص، وقد وقف جمهرة من شعراء الرعيل الأول أمام عراقتها وحضارتها، في حين رسم كوكبة من المبدعين الشباب لوحات باذخة، استمدتها من فضاءاتها الواسعة، التي عُرِفَت بها جدة.
وفي الجانب الآخر، اختار بعض الكُتَّاب تقصِّي تاريخها، والوقوف عند أهم الشخصيات الجدّاوية، والمواقف التاريخية، والحياة الاجتماعية والاقتصادية، لتبقى جدة -عروس الحجاز- إلهامًا للمبدعين.
* رسالة:
وَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيٍّ
يَدِقُّ خَفاهُ عَن فَهمِ الذَكيِّ
وَكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ
فَفَرَّجَ كَربَهُ القَلبُ الشَجيِّ
وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحاً
وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ
إِذا ضاقَت بِكَ الأَحوالُ يَوماً
فَثِق بِالواحِدِ الفَردِ العَلِيِّ!!