الله تعالى خلق عباده ليعبدوه، قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ولكي يتحقق مطلب العبادة كما أراد الله سبحانه وتعالى فقد بعث في كل أمة رسولا قال تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) ثم كلف كل رسول برسالة يبلغها لقومه وجعل مضامين تلك الرسالة في كتاب منزل من السماء وكانت مهمة الرسول الذي اختاره الله أن يكون قدوة لقومه في التبليغ والقيم الفاضلة والعمل الصالح وأن يبلغ قومه مضامين ذلك الكتاب كما أنزل وكان آخر تلك الكتب المنزلة هو القرآن الكريم الذي أنزل على خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم والذي جمع وأكمل وأتم فيه كل مضامين ذلك الدين الذي هو الدين الإسلامي دين كل الأنبياء والرسل، قال تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) وقال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقال تعالى فيه (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وقال تعالى (وكل شيء فصلناه تفصيلا) فكل الآيات السابقة تؤكد اكتمال كل مضامين الدين في كتابه تعالى القرآن وليس كما يقول البعض بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أضاف تشريعاً من عنده حاشاه عن ذلك لأن الله تعالى يقول في كتابه (وما على الرسول الإ البلاغ المبين) والبلاغ عن طريق الوحي والوحي واحد وليس وحيان كما يدعي البعض كما في قوله تعالى (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به) ولأن جبريل عليه السلام كان يبلغ الرسول آيات القرآن فقط ولا يقول هذا قرآن وهذه سنة وكان رسول الله ينقل ذلك إلى كتاب الوحي ليكتبوا ما نزل عليه من الآيات الكريمات فقط، أما سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهي تتمثل في سلوكه صلى الله عليه وسلم ومعاملته كما قال عن نفسه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فرسول الله هو قدوتنا ونبراسنا في السلوك والمعاملة كما قال تعالى (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) وهذا ما يؤكده قوله تعالى (أولم يكفهم أنا أنزلنا إليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون) وقوله تعالى (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) وقوله تعالى (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون).
وكان من نتيجة مخالفة تلك الآيات الكريمات أن هجر الكثير من أمة محمد صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم واتجهوا إلى ما قالت به مذاهبهم البشرية وهذا ما ينطبق عليهم قول الله تعالى (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءاباءنا أولوا كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على الالتزام بتبليغ ذلك التشريع المنزل من الله تعالى وعدم الخروج عن مضامينه وهذا ما قاله عليه الصلاة وسلم في ختام خطبة الوداع حين قال (ألا هل بلغت اللهم فاشهد وكررها للتأكيد ثلاثاً) وتمثل بذلك في كل مناحي حياته حتى قيل عنه (إنه كان قرآنا يمشي على الأرض) ولكي لا يخرج أحد من أمته عن مضامين ذلك الكتاب فقد أمر بعدم كتابة غيره حين قال صلى الله عليه وسلم (لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب عني شيئاً فليمحه) ثم أذن لهم أن يحدثوا عنه ولا إثم عليهم في ذلك، شريطة أن يتحروا الصدق فيما ينقلونه عنه، فكان هذا أمر يستوجب التنفيذ، وهكذا فعل الصحابة رضوان الله عليهم وفعل التابعون من بعدهم حتى نهاية القرن الثاني الهجري حينما برز المحدثون والفقهاء فكتبوا مئات الآلاف من الأحاديث كان نقلها عن طريق العنعنة من الأفواه وهنا حدث الكثير من الكذب وسوء التفسير والنقل لبعد المسافة الزمنية وعدم الدقة فيما قاله صلى الله عليه وسلم ونشأت المذاهب الفقهية التي أحدثت المخالفة لأمر رسول الله وهنا أيضًا بدأت الأمة تتشرذم وتتفرق تبعاً لمذاهبها وطوائفها وكان أغلبهم يتخذ من سلوك ومعاملة الرسول صلى الله عليه وسلم تشريعًا فتنامت حالات التحريم والتكفير وهجر كتاب الله تعالى المكتمل المتمم بآيات كريمات.
ولعلي هنا أطالب بإعادة قراءة التراث الشرعي وتصحيح ما علق به من مخالفات شرعية وكل ما يتعارض مع كتاب الله تعالى وذلك يتم من قبل علماء وسطيين من مختلف الدول الإسلامية وهذا ما نأمله من قائد التجديد والتصحيح ولي العهد محمد بن سلمان وفقه الله وأدامه.. والله من وراء القصد.