ثم تزامن ذلك فيما بعد بحركة ابتعاث نشطة إلى الدول المتقدمة لمواصلة الدراسات ونيل الشهادات في مختلف التخصصات.
لقد انتشر التعليم وتطور بشكل مذهل (كماً وكيفاً) حتى أصبحنا في مصاف الدول حضارة علمية، ويكفي أن تقارن ما بين البدايات حيث الكتاتيب وألواح الخشب إلى عهد الرقمنة التعليمية لندرك حجم التطور الذي وصلنا إليه.
التعليم في عهد الملك عبدالعزيز
كان التعليم في هذه البلاد يعتمد على الكتاتيب في القرى، وما يلقى من المحاضرات الدينية في المسجد الحرام والمسجد النبوي وغيرهما من المساجد، وعندما تسلم الملك عبدالعزيز زمام هذه البلاد عام 1319هـ بدأ في إرساء دولته على أساس من العلم والتعليم، حيث بدأ في سنة 1344هـ بتأسيس أول مديرية للمعارف التي أخذت على عاتقها نشر التعليم فبدأت بتأسيس المدارس وتدرجت في ذلك واتسع نطاق نشاطها حتى زاد عدد المدارس زياده كبيرة واستحدثت المشاريع التعلمية و المراحل الفنية والجامعية وإيفاد البعثات الخارجية للتخصصات المختلفة خارج البلاد. إلى جانب افتتاح المعهد العلمي بالسعودية 1345هـ ومدرسة تحضير البعاث 1355هـ، كما أصدرت المديرية عدداً من النظم التعليمية حيث صدر أول نظام للتعليم في شهر شعبان 1364هـ، وأول منهاج سعودي للتعليم الابتدائي عام 1354هـ ونظام التعليم في المدارس الأهلية عام 1357هـ، وقامت مديرية المعارف بتجارب رائدة في افتتاح العديد من المدارس الليلية والمدارس القروية وبعض المدارس المهنية، بل وساهمت في وضع اللبنات الأولى للتعليم العالي.
وتشجيعاً على التعليم جعل الملك عبدالعزيز التعليم مجاناً في جميع مراحل التدريس والكتب، والأدوات والوسائل، وصرف مكافآت مالية للطلبة الذين لا تساعدهم أحوالهم المادية على الاستمرار في الدراسة تتراوح ما بين مئة وخمسين ومئتين وخمسة وأربعين ريالاً، واستخدم مندوبيه ليأتوا بالطلاب إلى مدارسهم، وصرف تعويض مالي لبعض الآباء عن عمل أبنائهم في رعي الماشية، وصرف مبالغ مالية لبعض أولياء أمور المبتعثين في الخارج.
التعليم في عهد الملك سلمان
المملكة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - تزخر بالإنجازات التعليمية عموماً وبالإنجازات النوعية خصوصاً والتي برزت حتى وصلت لمصاف الدول المتقدمة من خلال الخطى الثابتة على طريق رؤية 2030، حيث أصدرت منظمة اتحاد التعليم الإلكتروني OLC، بمشاركة عدد من الجهات العالمية؛ الدراسة الدولية التوثيقية التطويرية الثانية للتعليم الإلكتروني في المملكة العربية السعودية خلال جائحة كورونا، وشملت الدراسة مقارنة منصة مدرستي مع أفضل 7 منصات عالمية و174 دولة؛ موضحة تفوقًا لافتًا للمنصة كنموذج رائد دوليًا، وأحد حلول التعليم الإلكتروني في الدول المتقدمة خلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، واختارت منظمة اليونسكو العالمية المملكة ضمن أفضل 4 نماذج عالمية على صعيد التعليم الإلكتروني، كما اعتمدت الإطار التقويمي الذي أعده المركز الوطني للتعليم الإلكتروني؛ من خلال الدراسة الدولية التي تقوم بها المنظمة لأفضل الممارسات العالمية في التعليم الإلكتروني.
التعليم في عهد الملك سعود
حمل الملك سعود بعد والده - رحمهما الله - مشعل العلم وافتتح في عهده معاهد المعلمين الابتدائية عام 1373هـ بهدف إعداد المعلم الوطني للتدريس بالمرحلة الابتدائية، وكان يلتحق بها الحاصلون على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات دراسية، وتمنح شهادة كفاءة المعلمين الابتدائية، وقد تخرجت أول دفعة من هذه المعاهد مع بداية عام 1379هـ.
وأصدر أمراً ملكياً بإنشاء مدارس لتعليم البنات بالمملكة، وتأسست الرئاسة العامة لتعليم البنات في صفر 1380هـ، وبدأ التعليم رسمياً في المدارس الحكومية في عام 1380هـ، وهكذا أتيح للإناث حق التعليم بعد اعتماده رسمياً من الحكومة حيث تولت الرئاسة العامة لتعليم البنات شؤون التعليم العام للبنات التي تشمل المراحل الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، ومعاهد إعداد المعلمات، وتعليم الكبيرات ومحو الأمية للإناث، ومراكز التفصيل والخياطة للإناث.
التعليم في عهد الملك فيصل
بدأ الملك فيصل مشروعه التعليمي التنموي من حيث انتهى سلفه الملك عبدالعزيز والملك سعود - رحمهم الله جميعاً -، فاستكمل مسيرتهما وحافظ على إنجازاتهما وعمل على تطويرها وزاد عليها، لينتهي في عهده عصر البناء ويبدأ عصر الانطلاق في المجال التعليمي، فقام بافتتاح كلية الزراعة في 1385هـ، وكلية التربية عام 1386هـ، كما تم افتتاح أول كلية للطب بالمملكة في عام 1390هـ، وأصدر جلالته قراراً بإنشاء جامعة علمية في عام 1387هـ، أطلق عليها «جامعة الملك عبدالعزيز»، وتم إنشاؤها في جدة، وضمت عدداً كبيراً من الكليات النظرية والعلمية، مثل كليات التربية والآداب والشريعة، وكلية العلوم والعلوم الإنسانية وكلية الاقتصاد والإدارة.
التعليم في عهد الملك خالد
حظي التعليم في عهد الملك خالد - رحمه الله - باهتمام كبير حيث شهد عهده إنشاء وزارة التعليم العالي، وافتتاح جامعة الملك فيصل، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وافتتاح نحو 56 كلية جديدة مع اهتمام كبير بتعليم الكبار، ووصل عدد المدارس في عهده إلى 5373 مدرسة في المرحلة الابتدائية وإلى 1377 مدرسة في المرحلة المتوسطة إلى 456 مدرسة في المرحلة الثانوية.
التعليم في عهد الملك فهد
تابع الملك فهد الاهتمام بالتعليم ونشره والتوسع في أعداد المدارس حيث زاد عدد المدارس والطلاب والمعلمين حيث بلغ إجمالي عدد الطلاب والطالبات في مختلف مراحل التعليم العام والعالي بنين وبنات للعام 1424 - 1425هـ أكثر من خمسة ملايين وثلاثمئة ألف طالب وطالبة يقوم على تعليمهم نحو 440 ألف معلم ومعلمة.وشمل كذلك التطوير التوسع في البرامج التعليمية وحفلت خطط التنمية الخمسية للمملكة بالكثير من المشروعات التعليمية.
التعليم في عهد الملك عبدالله
كما لقي التعليم ازدهاراً كبيراً في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكان في طليعة اهتماماته التنموية، وقد اهتم - رحمه الله - بالتعليم العام عبر مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام الذي يعد من أهم مشاريع تطوير التعليم في المنطقة.
وتوسعت برامج الابتعاث التعليمي للخارج في عهد الملك عبدالله بشكل غير مسبوق مع زيادة رواتب الطلبة المبتعثين بنسبة 50 % وارتفع عدد الجامعات الحكومية السعودية في عهد الملك عبدالله من 8 جامعات إلى 28 جامعة تضم 440 كلية في مختلف التخصصات، موزعة على 80 محافظة بعد أن كانت محصورة في 17 محافظة فقط. كما عني بالاهتمام بالمجالات البحثية المتخصصة والنادرة بتوجيه مباشر منه، إذ أسست لهذا الشأن العديد من المراكز البحثية التخصصية.
ومن مؤشرات التطور التعليمي بكافة مؤسساته في عهد الملك عبدالله صنَّفت مجلة «إيكونوميست» البريطانية المملكة العربية السعودية في المركز السابع في ترتيب دول العالم في التعليم العالي.
